Thursday, October 10, 2013

مازلنا نتمسك بالنبوت



النَبُّوت



 






الأستاذ : إبراهيم محمود العزة

  















الإهــداء
أهدي هذا الكتاب المتواضع إلى كل عربي ذي نخوة وحمية ويتصف بالشهامة والرجولة ولأصالة وإلى كل من يعتز بماضينا التليد  وتراثنا العريق.













بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمـة :
        الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:
       إن لهذا الكتاب الذي  أسميته (ما زلنا نتمسك النبّوت) قصة ... بينما كنت أكتب قصصا من الأدب الشعبي ، تطرقت إلى قصة ( أبي نبُّوت ) الذي نسج كلٌّ من أهالي مصر وسوريا ولبنان وفلسطين حوله الحكايات الحقيقية والخيالية ،  وكلُّ حسب طريقته مع أن المضمون واحد ، مأخوذ من الحديث الشريف ( حديث التوبة المذكور في الكتاب ) .
   عاشت رواية ( أبي نبّوت ) معهم فترات طويلة من الزمن تناقلتها الأجيال جيلا بعد جيل .. ومن خلال سرد القصة استهواني ( النَّبُّوت ) نفسه الذي أعطى الرّواية الخلود والبقاء ، بما فيه من عزّة وبهاء وإباء  ، ورجولة وشهامة ، ونخوة وكرامة ....إنه نبوت باب الحارة ، نبوت عِزٍّ وَمَرْجَلَةٍ وسؤدد ..
    نظرت إلى النَّاس في عالمنا ، وجدت الكلّ يرنو إليه لما فيه من شرفٍ وصفاء في المحتد .. هذا النَّبَُّوت الذي نزل مع سيدنا آدم من الجنة ومن بعده توارثته الأنبياء ، وهوعصا سيّدنا سليمان عليه الصلاة والسّلام الغنيّة عن التعريف ، كما كان النبّوت العصا المعجزة لسيدنا موسى التي أخذها من سيدنا شعيب عليهما الصلاة والسّلام .. علما بأنّ اسم النبوت مستحدث هو الذي يسمى بالعصا قديما .
      هذا النبوت الذي صاحب الأنبياء والرّسل ، لازم البشر منذ بداية الخلق حتى يومنا هذا ، فهو قديم جديد ، عصري تليد ، وتراث عالمي ، واكب حياة البشرية وتطور معها بتطورها ، من عصا قديمة إلى نبوت عصري ، لم يحصره مكان ، ولم يختفِ في زمن من الأزمان .
     كلّما مرّت عليه السنون زادته شهرة ، وتفنن الناس فيه صنعه ، وتعددت استعمالاته ، فدافع به الإنسان عن حياته وبقائه ، واصطاد به فسدّ رمق جوعه وعياله ، فتغنى به المغنون ورقص به الرّاقصون ، ولعب به اللاّعبون ، وهو مع الخطباء على المنابر وهم يعظون ، والحرَّاس ـ حملة النبوت ـ على مصالح النّاس ساهرون ، والشعراء له واصفون ، وعنه يكتب الأدباء ويسطّرون ، وبه الرّعاة يرعون ويسقون ، والرجال (النشامى) له حاملون ، فهو الرّفيق يوم الظعن ، والأنيس في الحلّ ، والصّاحب للأعمى والخليل للبصير ، والنّصير للضّعيف ، والمعين للقوي ، والزّينة للحاكم ، والأمان للمحكوم .
   أردت أن أبرز الصورة المشرقة لهذا النبوت ، مع إن الكثيرين قد ربطوا النبوت بالشر و(البلطجة) والقهر ، لأنه للأسف في ليلة حالكة السواد تسلل إلى أيدي (البلطجية ، والسرّاقين ) والفتوة المتهورين وإلى أيدي قساة القلب المتجبرين ، فصار في عصر من العصور لتحطيم الأضلاع وتكسير الرؤوس ، فطغى هذا الجانب على بصرنا حتى صرنا لا نرى إلاّ نبوت المجرمين ، فاستعمل في العصور البائدة زمن الإقطاع في بلادنا , أخذ حفنة من بلطجية العصر البائد زمام القانون بأيديهم , فلا سائل ولا مسؤول , وقسمت الأوطان إلى مجموعة مناطق ونفوذ تخضع لقوانين فتوات الأزقة والحواري العربية , فكانت الفتوة حاكمة بأمره , مالكة لمصير ومقدرات عبيد منطقة نفوذه , وما على الجميع حينها , إلا الدفع بالحسنى, والسمع والطاعة والولاء الأعمى , ومن تمرد بلسانه أو بصره فقد ضل طريق الحكمة والبصيرة التي تبقي على حواسه المتمردة , وقد حلت عليه لعنة (النبوت والدبوس) المزركشين بالفولاذ القاتل , وهما شعار قانون المرحلة , والحاضر يعلم الغائب , أما القانون التقليدي الميت الحي والحاضر الغائب , فموجود ليس أكثر من مسمى ، وجثة هامدة تستظل بظلال عرش الفتوة وترعى في ملكوت غابته وتعيش على فتات نعيمه , القانون التقليدي الهش لم يكن أكثر من هياكل عظمية متحجرة , وحتى القائمين على تلك الهياكل هياكل , بدءا من الضابط حتى المأمور , فتحولوا بفضل طاعة النبوت والدبوس إلى مرتشين ومأجورين.
   ربما تناسينا إنّ النبوت عصا هبط مع سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام من الجنة ليغرسه في الأرض ليصير شجرة يأكل من ثمارها ، وفي المثل العامي (العصا لمن عصى والعصا من الجنة ) ومن بعد سيدنا آدم توارثته الأنبياء حتى وصلت العصا سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام عن طريق سيدنا شعيب عليه الصلاة والسلام .. وكان لسيدنا وحبيبنا رسولنا صلى الله عليه وسلم نبوت لازمه في حياته ، مرة سُمِّيَ بالمحجن وأخرى بالمخصرة دلالة على مقدار طول النبوت للخصر ، وكان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يهدي عصاه لمن يحب .
   ( فالنبوت عصا الأنبياء ، ومن علامات النبوة ) .. هو الذي يسعفنا في كبرنا ، والرفيق في سفرنا ، به نرعى الغنم ، وبه نقتل ما على الأرض من هوام ( حية أو عقربا ) ، وهو الهادي للأعمى ، والنصير للضعيف ، والمعين للقوي ، وهو الذي حفظ الأمن والسّلام لأهالي المدن والقرى وهم نيام ، عندما كان النبوت في أيدي العسس والخفر( نبوت الغفير) وفيما بعدهم وفي أيدي الحراس ( حرّاس الليل ) أو النواطير الذين يسهرون على مصالح الأمة ، وإننا رقصنا به ( التحطيب في مصر ، والنبوت والمزمار في السعودية ) ولعبنا به العديد من الألعاب في صغرنا .. وتغنينا به .
      هذا ما شدّني إليه وجعلني أتقرب منه ، وأبحث في معانيه وأسمائه وصوره وأشكاله وإستعمالاته عبر العصور .. وبالفعل وفقني الله سبحانه وتعالى ووقفت على أشياء طريفة لهذا النبّوت العملاق .


كلمة الكاتب


  


تعريف النبوت في اللغة :
    ( النبّوت ) هو الفرع النابت من الشجر[1]، ويطلق على العصا الطويلة المستوية (مصرية) كما في ( التاج ) ( ج ) نبابيت و( المعجم الوسيط) ...وفي صفحة 1018 يقول : (النَّبّوت: الفرع النابت من الشجر, والنبّوت: العصا المستوية (مصرية). قوله (مصرية) يعني أن الكلمة عامية , والحقيقة إنَّ النَّبُّوتَ في كلام العامة هو العصا التي تؤخذ من فروع الشجر. و "جاء في ( التاج والوسيط والقاموس المحيط ) : النَّبوت الفرع النابت من الشجر, ويطلق على العصا الطويلة المستوية أو المُدَمْلكة الرأس التي يُضْرَبُ بها, وهو من الكلام المولّد[2].
ويُسَمَّى النَّبُّوت[3]" الهراوة"  ( عصاة غليظة جدا تؤخذ من شجرة أغصانها قوية وغالبا ما يكون رأسها مدببا مرصعا بمسامير حديدية ، وهي تعدّ من الأسلحة التقليدية المصنّعة من نفس مادة القنا ( الرمح ) والسهم.. وكلمة نبوت : هي هراوة ويُقال : أن أصْلَها عربيٌ . وبالعامية اللبنانية نقول : ( شـَبـُّوط ) للغصن الطويل الرفيع الذي يستخدم في قِطاف الزَّيْتون .
تَعْرِيفُ النَّبُّوتِ على لِسَانِ أَحد العَامَّةِ في مِصْرَ : " النبوت عبارة عن عَصَايةٍ طُول عصايةِ الْمَقَشَّة كده تقريبا وأغلظ بتاع أربع مرات من عصاية المقشّة  وكانت مسمية ( اللافيةالتقيل ) " .
تعريف النبوت اصطلاحا :
    عصاة غليظة جدا تُؤْخَذ مِنْ شَجَرَةٍ أغصانها قَويَّةٌ ، يُوْضَعُ عليها بَعْضُ الزُّيوتِ لِتَزْدَاد متانةً يحملها النَّاسُ وخاصة الرُّعاة.. وغالبا ما تُسْتَعْمَل في المنازعات ، كما صارالنَّبُّوتُ يُطْلَق على مَنْ هُو مُهِمٌّ مِنَ النَّاسِ ، مثل نبُّوت الإدارة أو الوزارة ، ويكنى بالنبّوت استعمال العنف والقوة ..كما يكنى بالنبوت السلاح بأنواعه ، نبوت الطائرات الحربية والسفن والقنبل الذرية أو النووية ..
تعريف العود في اللغة :
      كل خشبة دقيقة أو غليظة تسمى عودا ، وعود البخور أفضلها لما له من قيمة وشذا ، وثانيها العصا أو النبوت لما له من قيمة كسلاح يسعف الإنسان عند الحمية أو الأخذ بالثأر أو الدفاع عن النفس.
بداية النبوت مع بداية الإنسان في الوجود :
    النبوت هو(العصا) .. ويقال أن هذه العصا من الجنّة ، هبطتْ مع سيدنا "آدم" عليه الصَّلاة والسَّلام ليغْرسها في الأرض ويأْكل من ثمارها .. ويقال : أَنَّ سَيِّدَنا جِبْرِيل عليه الصَّلاة والسَّلام ورَّثها للأنبياء من بعده ..
    إنّ الإنسان البُدائي وهو ما سمّته كتب التاريخ بالإنسان الأول  يواجه من أجل وجوده وبقائه على قيد الحياة مخاطر عدّة ، أمام وحش يهاجمه أو عدو يلاقيه، حيث إنّ الإنسان بفطرته يريد أن يحمي نفسه من أي خطر كان ، فلا بدّ له أن يتسلح ، فيبادر تلقائيا  إلى الدفاع عن نفسه ، فيلتقط حجرا يقذف به الوحش الذي أمامه .. وفي مراحل متقدمة حاول تشذيب وسنّ مجموعة من الحجارة لتكون أكثر فاعلية وأشدّ مضاء ، وليجعل منها سلاحا حادا يدافع به عن نفسه كما يصطاد به فريسته ، ثم تساءل هذا البُدائي كيف أرمي عدوي عن بعد لأكون في مأمن من شرّه ؟ ، فهداه عقله إلى جذوع الأشجار ، فأخذ يُصلهحا ويجعل من رأسها حادا أو مدببا فصنع منها عصا طويلة والتي تدعى اليوم بـ (النبوت ) ليكون حراً في توجيه ضربات موجعة للوحش الكاسر دون الالتحام معة وهو أعزل خاوي اليدين..
      فصار صنع الحراب من جذوع الأشجار، أو بناء بيت هو فعل تهيئة واستعداد بقصد الدفاع عن وجوده كفرد وأسرة وجماعة والحفاظ على الحياة ، فهاجسه هذا كان هاجسا يشغل كل وقته ألا وهو الطريقة التي  ينتصر  فيها على عدوه ، فكان إذا شعر أنه أقوى من خصمه هجم بسلاحه البدائي ( النبوت ) الذي يسهل حمله ..  فالنبوت قديم قدم الإنسان ، لازمه في صغره ليتقي به شر هوام الأرض ووحمله في شبابه لإبعاد الوحوش الكاسرة عنه وليصطاد به فريسته ليبعد عنه وعن أسرته غائلة الجوع واعتمد عليه في هرمه ليتوكأ عليه أو إذا أصاب رجليه أي مكروه  ليساعده على المشي في دربه ويسهل عليه الطريق .
   النّبّوت : اسم قديم مستحدث مأخوذ من الفعل نبت ، لأن سيدنا آدم عليه السلام غرس نبوته الذي هبط معه من الجنة في الأرض ، فنبت وأورق وأكل من ثماره ، وبالرغم من ذلك لم يعرف باسم النبوت ، بل يقال عنه في تلك العصور الغابرة الموغلة في القدم ( العصا) .
 العصا ( النبوت ) من ضروريات الإنسان منذ بدء الخليقة ، لمصارعة الوحوش من أجل البقاء ، وهو يعدّ مع الحجر المسنون من الأدوات البُدائية التي تسلَّح بها ذلك الإنسان ...
أحَبّ الناسُ النبّوتَ فدلّلوه :
النبوت في اللغه على وزن فَعُّول مثل سمّور ، دبّور ، دبّوس، وهو كلمة عامية فصيحة ،واشتقاقها من الفعل نَبَتَ ، ونَبُّوت  على وزن فَعُّول ،ووزن فعّول يقال في أسماء الأعلام عند العامة للتحبب والتدلل ، مثل سالم ، صالح ،جاسم ، ناصر ، وهي أسماء أعلام جاءتْ على صيغة اسماء الفاعلين على وزن فَاعِل ، فللتحبب والتدلل نقول : سَلُّوم ، صَلُّوح ، جَسُّوم ، نَصُّور ، على وزن فَعُّول ، وسَعيد ، سَليم ، عَتيق ، بَخيت  وهي أسماء أعلام جاءت على وزن صيغة المبالغة على وزن فَعِيل ، فللتحبب والتدليل نقول : سَعُّود ، سَلُّوم ، عَتُّوق ، بَخُّوت ، على وزن فَعُّول ، ومَحْمُود ، مَنْصُور ، مَسْعُود ،  أسماء لأعلام جاءت على صيغة اسم المَفْعُول ، على وزن مَفْعُول ، فللتدليل والتحبب نقول : حَمُّود ، نَصُّور ، سَعُّود ، على وزن فَعُّول أمّا اسم خَضِر ، نَاصِر اسم علم جاء على وزن فَعِل وهو من صيغ المبالغة ، فنقول على سبيل الدلال : خَضُّور ، نَصُّور على وزن فَعُّول ، وعبد الله وعبد الرحمن ، نقول على سبيل التحبب : عَبُّود ، والزَّوج إذا أراد أن ينادي زوجته للتحبب أوللزيادة في الدلال وكان الاسم منتهيا بتاء التأنيث مثل خَديجة ، فَاطمة ، يُزَادُ بَعْد وَزْن فَعُّول ياء (المُلْكّية ) ، فيقول :خَدُّوجْتِي وفَطُّومْتِي ، أما إذا كان الاسم دون تاء التأنيث فَيُضَاف تاء التأنيث وياء الملكية بعد وزن فَعُّول مثل : زينب ، هديل فيقول : زَنُّوبْتِي ، هَدُّولْتِي ، والزوجة إذا أرادت أن تدلل زوجها فتناديه جَسُّومي ونَصُّوري .. وهذا من لهجات العامة في كل من قطر وسائر دول الخليج وفي مصر وسوريا وفلسطين وأجزاء أخرى من الوطن العربي ، ولما لهذا النبوت من مكانة عند عشاقه ومحبيه من رجال الحارات وأصحاب الشجاعة والشهامة ، حَبُّوه ودللوه وسَمُّوه على وزن فَعُّول ( نَبُّوت ) .
من أسماء النبوت :
     العرب تفننوا في صناعتها ، وصنَّفوه إلى أنواعٍ عديدةٍ ، مُخْتَلِفَةِ الأَشْكَالِ والأَطْوالِ ، وكان كلُّ نَوْعٍ منها له مدلوله الخاص به ، لكنني وجدت إنَّ هذه الأَنْواع قَدْ اخْتلطتْ عِنْد العامَةِ مِنَ النَّاسِ عَبْر الزَّمَنِ ، وأصْبَحَ الاخْتِلاطُ في المعنى جليَّاً وواضحاً في عصْرِنا الحديث ، وخاصة عِنْدَ شُعَراء العَامِيَّةِ وعِنْدَ العَدِيدِ مِنْ كُتَّابِ الْقِصَّةِ والرِّوَايَةِ حَتَّى صَارَتْ كُلُّ هذهِ الأنواع تحتَ اسْم ووصْف وَنَوْع "النبوت" ، فيُسَمَّى النَّبُّوتُ أوْ العصا بـ ( الصولجان أوسأة ) ، ( والعود ) و( العصا البيضاء[4] ) وعنزة ، والحربة ، والنيزك ، والآلة ، المسحاة، والمخصــرة ، والقضيب ، والدرة ، والخشب .
 ذكر العلماء[5] العصا ( النبوت ) , فقيل : أن اسمها "ماسا" وقيل اسمها "نَفْعة" واسمها "غَيَّاث", وقال آخرون : اسمها "عَلِيق" وكان طولها عشرة أَذْرِع وذلك حسب طول حاملها . والمِحْجَنة والمِحْجَن[6] .
قال محمد بن إسحاق[7]‏:‏ فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على باب الكعبة فقال :‏ (‏ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، صدق وعده ، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده ، ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى ، فهو موضوع تحت قدمي هاتين ، إلا سدانة البيت وسقاية الحاج ، ألا وقتيل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا ، ففيه الدِّية مغلظة مائة من الإبل ، أربعون منها في بطونها أولادها ، يا معشر قريش ، إنَّ الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء ، الناس من آدم وآدم من تراب‏ )‏‏‏‏.
قال الشاعر :
 قد كنت أمشي على رجلين معتمدا     فصرت أمشي على أخرى من الخشب
يقصد الشاعر بالرجل الثالثة التي تساعده على المشي ، الخشب هو ( النَّبُّوت ).
كما قال الشاعر عروة بن الورد في نفس المعنى :
أليس ورائي أن أدبَّ على العصا ؟... فيشـمتَ أعدائي ويسأمني أهلي
رهينةُ قعرِ البيــتِ كُلَّ عيشـةٍ ... يطيفُ بي الولدانُ أهـدجُ كالرألِ
 ( هدجَ كالرأل : يتداركُ خطوه كالنعام ) . وقصد الشاعر هنا أيضا بالعصا هو(النّبُّوت) الذي يساعدة على المشي ويتّكئ عليه.
وقال آخر[8]:
آلا قالت الحسناء يوم لقيتهم      كبرت، ولم تجزع من الشيب مجزعا
رأت ذا عصاً يمشـي عليه      وشـيبة تقنّع منهم رأســه ماتقنّعا
كذلك العصا هنا هي النبوت الذي يساعده في كبره وشيبته .
كما أرجع الشاعر النبوت إلى أصله وهو من الشجر حيث قال الشاعر:
وَقَدْ جَعَلْتُ اذا مَا قُمْتُ يُثْقِلُني ...   ثَوْبي فَأَنْهَضُ نَهْضَ الشَّـارِبِ السَّكِرِ 
 وَكُنْتُ أَمشِي عَلَى رِجْلَيْنِ مُعْتَدِلاً    فَصِرْتُ أَمْشِي عَلَى أُخْرَى مِنَ الشَّجَرِ
    قال الإمام أحمد[9]‏:‏ حدثنا سفيان ، عن ابن جدعان ، عن القاسم بن ربيعة ، عن ابن عمر قال‏ :‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة ، وهو على درج الكعبة‏ :( الحمد لله الذي صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، إلا إن قتيل العمد الخطأ بالسوط أو العصا فيه مائة من الإبل ‏)‏‏.
    العكاز أو الباكورة الخشب لأنهما من مستلزمات كبير السن .. كما سُمِّيَ في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم العصا ، المحجن ..
    عمرو بن حنظلة التميمي بصري[10] . حضر يوم الربذة وهو يوم استؤصل فيه أهل الشام مع حبيش بن دلجة القيني وكان مروان بن الحكم لما بويع له بالشام أنفذه إلى المدينة لمثل ما أنفذ له يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة فلم يصده عن المدينة أحد واستسلموا له وهرب عامل ابن الزبير إلى مكة . فأنفذ عامل بن الزبير على الصرة الحنتف بن السجف في ألف من الأساورة وبني تميم إلى حبيش فلقوه بالربذة فقتلوه وقتلوا جبيشه . وكان الحجاج بن يوسف وأبوه منهم فهربا على بعير يعتقبانه . وصلب حبيش وهو أول مصلوب في الإسلام . فقال عمرو بن حنظلة  :
فدى لامرئ سوى حبيشا على العصا ...قدامة قبل الناس من آل أجدار
أناخ له شــر المطـايا مطيــة ... وكان حبيش قد طغى وتجبرا
  وكيف لرجل يصلب على عصا إنما هو(نبوت) ضخم حتى تتمّ عليه عملية الصلب ؟!!. وكلمة النبوت مستحدثة لا تعرف قديما إلاّ بالعصا التي شاعت بهذا الاسم فترة طويلة من الزمن ، وعندما تداخلت حضارات الشعوب أخذ يظهر للعصا أسماء عدّة إلى ظهور اسم النبوت فانتشر على مساحات شاسعة من الأرض
    قيل لأحد الصالحين : مالك تدمن إمساك النبوت ، ولست بكبير ولا مريض ؟! ..فقال : لأذكر أني مسافر ، وإنها دار قلعة ، وإنّ العصا من آلة السفر.
   وأنبأنا محمد بن طاهر ، قال: أنشدنا أبو علي بن وشاح لنفسه:
حملت العصا لا الضعف أوجب حملها   عليّ  ولا أني انحـنيت من الكبــر
ولكنني ألزمـت نفسـي بحمـــلها   لأعـلـمـها أني المقيم على سـفـر
هنا مُزِج اسم النبوت مع العُكَّاز أو الباكورة مع العصا .
ـ كلمة النبوت عامية فصيحة وهي محدثة كما جاءت في الوسيط ؛ مرّة يسمى النبوت بالعصا وأخرى بالعود وأخرى كما يطلق عليه في الكويت بالعجرا ، لذلك يكون النبوت في دول الخليج : ( النبوت ، الباكورة ، الدبوس ،  العجرا ، القطلة ، المِسْيَر ،  المشعاب ، المِطرق ، السوط وهو نوع من العصا أخف ، القب وهو أقوى من السوط وكان يستخدم في صيد الأرنب ـ المقشاع وهو أكبر من القب ورأسه غليظ و فيه مسامير )
العصي[11] وهي من أقدم أسلحة الإنسان التي واجه بها الطبيعة بما فيها من حيوانات وهوام وقد تعددت أسماؤها لاختلاف أشكالها ووظائفها :
الباكورة: عصا من الخيزران نحيفة وطويلة .
الدبوس: من أدوات القتال يشبه تماماً العجرا أو الدبسا ، ولكنه مصنوع من الحديد وليش من الخشب كالعجرا،وله رأس طرف كروي ويد معدنية وهو سلاح دفاعي.
الشون : وتسمى الشوم عصا غليظة وطويلة تستخدم عادة للارتكاز عليها أثناء الصعود والنزول فضلاً عن استخدامها في الدفاع عن النفس .
العجرا: وتسمى دبسا وهي من أسلحة الدفاع عن النفس وهي عصا غليظة شكل رأسها على هيئة كروية ليضرب به .
القطلة : عصا غليظة غير طويلة تمتاز بثقلها يترك الضرب لها أثراً في الجسم .
المِسْيَر : عصا من الخيزران المتساوي الأطراف وقد تسمى سيسية               
المشعاب: عصا غليظة غير طويلة ينتهي رأسها بعقفة قائمة الزاوية أو حادة ويكون طرفها الأسفل مفتوحا .
المِطرق: عصا رفيعة يتراوح طولها بين مترين إلى متر ونصف وتقطع من أغصان شجر الشوحط والعتم .
النبوت: من أدوات الدفاع عن النفس ويشبه القطله لكنه أغلظ منها وأطول إذ يصل طوله إلى مترين ونصف تقريباً .. وهو عصا غليظة مفلطحة الرأس، في رأسها المسامير الحادة  وهي من الأسلحة الوقائية الدفاعية استعملت في صدر الإسلام[12] ويقتصر حمله على الرجال غالبا.

   في بعض قرى فلسطين (المخباط ) ؛ ( قالت العجوز راح شباط ودسينا فيه المخباط (أي نبوت الخشب ) فغضب شباط ، واستنجد بأخيه آذار هاتفا : أخوي يا آذار ، ثلاثة أيام مني وأربعة منك ، فاضطرت العجوز أن توقد مخباطها لاتقاء موجة المطر والبرد التي تعاون شباط مع آذار في إحضارها ، فسمي هذا الأسبوع : قران العجوز.) وفي لبنان الشَبّـوت ، وفي السودان ( النبوت هو العصا ) ، وفي مصر وبلاد الشام (النبوت هو الهراوة كما جاء في كتاب التاج ، والعُكَّاز[13] ؛ سمى الشاعر العكاز أو الباكورة بالعصا :
يابن جعيثـن قلَّ شوفي وحيلي    وشلت العصا ولا عليّه من الناس
وفي مصر أيضا الشون ، وعند أهل الصعيد (القلاوي) وأهل الفيوم (الملاقفة ) ويسميها أهل الريف ( المجاصفة ) ، والمتعارف عليه حاليا في جميع أقطار الدول العربيه باسم "النبوت" .
حرفة صناعة النبابيت يتوارثها الأبناء عن الأجداد :
صناعة النبّوت في مصر:
    يأخذ المصريون النبوت من شجر الليمون  ويعالجونه بطريقة خاصة .. يوضع في زيت شديد الحرارة لكي لا تصيبه الرُّطوبة بأي نوع من أنواع الليونة ثم يجفف فكل من ضُرِب به ضرْبةً واحدةً يفقده الحياة .
صناعة النبّوت في منطقة الخليج :
     تستخدم في صناعة النبوت المواد المحلية كالحناء والسمن المحلي لإضفاء الرونق والجمال عليه ، وأقوى أنواع النببابيت يتم استخراجه  من أشجار "العتم" , كما قد يكون من القصب أو الخيزران أو خشب الأبنوس حيث تحفر وتنقش بأشكال ، وطرق فنية مختلفة ، وفي أغلب الأحيان تجهز بمقايض فضية أو من العاج ، والتي تشكل بذاتها تحفة فنية. إِنَّ صِنَاعَةَ النَّبُّوتِ بأنْواعِهِ تَمُرُّ بعدة مراحلٍ ، فمثلا "عود القرط[14]" والذي يستخرج من باطن الأرض يتم كيُّه بالنَّار ، ومن ثم يتم استخراج القشرة ، وتسوية العود بقطعة من الزجاج على حسب المطلوب ، وتضوع عليه بعض الشحوم ، ويصهر بالنار ،ويتم تعديل التعرجات منه حتى يصبح بشكل معتدل ، ويتم سقيه بالسمن المحلي ، وهناك نوع آخر من النببابيت فهو المعروف باسم " نبوت العتم " المستخرج من أشجار العتم وهو أقوى أنواع النببابيت.
      كما يصنّع من عدة أشجار منها الخيزران ، و عرق السمر ، و عرق الارطاء ، و عرق الغاف ، و جريد النخيل  .
طريقة أخرى في صنع النبوت[15]:
     يُصنع العود من شجر اللوز أو شجر القصب . يوضع مع زيت في ( سقّايا ) ( ماسورة اسطوانية طويلة، قطرها خمسة عشر سنتيمتراً ). تغلق (السقّايا) من الجهتين، وتدفن في الأرض لعام إلى ثلاثة . ويفضل كثيرون سمن اللية أو شحم الغنم بدلاً من الزيت . وفي هذه الحال تصل كلفة العود إلى أكثر من ألف ريال. لكن في الغالب تباع الأعواد بمبالغ تبدأ من ألفين ريال.
   (يُدهن ويُجَلّب) العود بقلوب البقر، بعدما يخرج من السقايا، ليكون جاهزاً. حينها فقط يصعب كسر هذا العود حتى لو بارز صاحبه أحداً يحمل حديدة ، بل ويكون ليناً ومرناً.
   أما النببابيت المصنوعة من الخيزران فتستورد من نيوزلاندا والهند وشكلها جميل ووزنها مقبول ويعتبر من أجمل الأنواع .
      تمسّك العرب بالنبوت ومنهم أهل الخليج فله أشكال و أنواع فمنه يحمله، الكبار يكون النبوت كبيرا في الحجم ، أما الشباب فيكون نبوتهم ناعما، و بعضهم قد يخضبه بالحناء أو يسقيه بالسمن أو الخل.
طول العود (النبوت ) يختلف من مدينة إلى أخرى[16] :
    أعواد ( نبابيت ) المدينة المنورة (يثرب) مثلاً : اشتهرت بالقصر حيث لا يتجاوز عادة طولها المتر وربع المتر. يقول ، أحد لاعبي العود والمزمار من الجيل الجديد : ( كانت المسافة بين البيوت في المدينة قريبة . إذ أن الأزقة كانت ضيقة . ما جعل معظم أعواد ( نبابيت ) أهل المدينة قصيرة على خلاف أعواد مكة المكرمة وجدة ) . في الغالب تكون العصا أو النبوت ( العود ) بحسب طول الشخص . ويبدأ من نهاية القفص الصدري إلى الأرض . وأحياناً يكون (طول عود اللاّعب بقدر المسافة بين السّرة وقدمه ) . كما يختلف طول نبوت أهل الصعيد في مصر عن طول نبوت أهل مكة أو المدينة .. وغالبا ما يرجع هذا الطول إلى طول الإنسان حامله والبيئة التي يعيش فيها ..
عادات وتقاليد لاستعمال النبوت :
    يُمْسَكُ النَّبُّوتُ عادة من فوق ولا يزيد عن الحزام  )الخصر  ( لذلك قيل عنه ( المخْصَرَة ) بحيث  يخطو الرجل خطوة و يخطو النَّبُّوتُ مثلها عند المشي ويُمْسَكُ النَّبُّوتُ باليمين و يمسك الخطام باليسار عند ركوب الدّابة ، و يتحول النَّبُّوتُ من اليمين إلى اليسار عند السَّلام وملاقاة الأحْبَاب أوعِنْد اسْتِقْبَال الضُّيوف والجيران.
استعملات  النبوت :
   الإنسان مع "النبوت"  الذي يسمى بالعصا في التاريخ القديم له صحبة طويلة  استعمله الإنسان البدائي لمقارعة الوحوش الكاسرة دفاعا عن النفس . واستعمل للصيد . ويتوكأ عليه الإنسان . ويهش بها على غنمه .
    استعمل في الزواج عند العرب في الجاهلية[17] إذا تقدم للمرأة عدّة خطاب ، فتقعد في كوخ ولا تظهر لهم ويطوف الخطاب وفي يدّ كل واحد منهم عصا من شجر البامبو فمن أخذت المرأة عصاه فهو الذي اختارته من دون الآخرين .
    (والمِحْجَنة والمِحْجَن :هي العصا المعوجة وفي الحديث المرفوع أنه طَافَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ حَوْلَ الْكَعْبَةِ عَلَى بَعِيرٍ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنِهِ).
    (تقدم الرسول صلى الله عليه وسلم على راحلته فاستلم الركن بمحجنه [18]وكبّر فطاف سبعا يستلم الركن بمحجنه في كل طواف).
    استعمله الرسول صلى الله عليه وسلم لاستلام ركن الكعبة حيث الحجر الأسود أثناء الطواف .  قال ابن إسحاق[19]‏:‏ وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور، عن صفية بنت شيبة، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَزَلَ بِمَكَّةَ واطْمَأَنَّ النَّاسُ ، خَرَجَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ ، فَطَافَ بِهِ سَبْعَاً عَلَى رَاحِلَتِهِ ، يَسْتَلِم الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ فِي يَدِهِ ‏.
   قال مالك - رحمه الله ورضي – عنه : وقد كان الناس إذا جاءهم المطر خرجـــوا بالعصي يتـوكؤون عليـــها ، حتى لقد كان الشبــاب يحبسون عصيهم ، وربما أخذ ربيعة العصا من بعض من يجلس إليه حتى يقوم.
وحديث عمرو بن مسعود السلمي مع معاوية بن أبي سفيان .
ما بال شيخك مخنوقاً بجــرّته     طال البلاء به دهراً وقد صبرا
قد جاء ترعـد كفّاه بمحجنــه     لم يترك الدّهر من أولاده ذكرا
استعمل الشيخ الهرم النبوت أو المحجن ليتوكأعليه .
 وقال مالك: والرجل إذا كبر لم يكن مثل الشباب يقوى بها عند قيامه،
وفي مشيته كما قال بعضهم: قد كنت أمشي على رجلين معتمدا   فصرت أمشي على أخرى من الخشب ، استعمل النبوت كرجل ثالثة لكبيري السنِّ .
قال الشاعرعروة بن الورد[20]:
أليس ورائي أن أدبَّ على العصا ؟ ... فيشمتَ أعدائي ويسأمني أهلي
رهينةُ قعرِ البيــتِ كُلَّ عيشـةٍ ... يطيفُ بي الولدانُ أهدجُ كالرألِ
( هدجَ كالرأل : يتداركُ خطوه كالنعام ) .
    استعمل (النبوت) العصا لمساعدة الرجل الهرم في مشيته المتباطئة وهي الدبيب .. 
( قال أحد الكتاب[21] : يرجع سبب ظهور مهارة استخدام العود ( النبوت ) في المبارزة إلى غياب السلاح الناري في فترة من الفترات . وتداول ( الخشبة ). لتتحول بعد ذلك إلى سلاح يدافع به الشخص عن نفسه ). وهو أيضا من مستلزمات الرقص مع المزمار كما يقول عنه أهالي مكة ..
استعمل النبوت للتأديب ونشر العدل وإنصاف المظلوم  والشجاعة ، والخليفة عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ مات وعصاه أو نبوته (الدرة) على مقربة منه شاهدا على عدله وإنصافه.
   النبوت يساعد المصلين إذا طال القيام في الصلاة أثناء قراءة القرآن ، وفي الموطأ عن السائب بن يزيد – رضي الله عنه - أنه قال: أمر عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة، وكان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في بزوغ الفجر.
   يستعمل النبوت أو العصا أثناء الخطب في المساجد ، وكان ابن مسعـــود صاحب عصــا النبي صلى الله عليه وسلم وعنزته ؛ وكان يخطب بالقضيب ، من عادة العرب  الفصحاء اللسان البلغاء أخذ المخصرة أوالنبوت والاعتماد عليه عند الكلام ، وفي المحافل أوأثناء الخطب، أو الاستعانة به . (قال مالك: كان عطاء بن السائب يمسك المخصرة يستعين بها ) . وسميت بالمخصرة لأن طولها يصل إلى خصر الإنسان .
   ومن استعمالات النبوت كما قال القرطبي رحمه الله ، وصل النبوت ( العصا) بالحبل إذا كان الحبل قصيرا لإخراج الماء من البئر ، يوضع على النبوت ما يظلل أثناء الحرّ ، وقتل هوام الأرض من أفعى و عقرب .... يوضع النبوت على العاتق ويعلق عليه ما يحتاج إليه في مسيره ، كما يهاجم بالنبوت السِّباع لإبعادها عن الغنم .
   ( قال القرطبي في تفسيره [22]: تعرض قوم لتعديد منافع العصا منهم ابن عباس، قال: إذا انتهيت إلى رأس بئر فقصر الرشا وصلته بالعصا ، وإذا أصابني حر الشمس غرزتها في الأرض وألقيت عليها ما يظلني ، وإذا خفت شيئا من هوام الأرض قتلته بها، وإذا مشيت ألقيتها على عاتقي وعلقت عليها القوس والكنانة والمخلاة، وأقاتل بها السباع عن الغنم.اهـ).
   إمساك العصا " النبوت" سنة من سنن الأنبياء وعلامة للمؤمن كما روي عن ميمون بن مهران . ( وروى عنه ميمون بن مهران قال: إمساك العصا سنة للأنبياء ، وعلامة للمؤمن ).
   ومن استعمالات النبوت أو العصا كما قال الحسن البصري ... (وقال الحسن البصري: فيها ست خصال:
1- سنة للأنبياء.
2- وزينة الصلحاء.
3- وسلاح على الأعداء.
4- وعون للضعفاء.
5- وغم المنافقين.
6- وزيادة في الطاعات.).
     ويقال : إذا كان مع المؤمن العصا " النبوت" :- يهرب منه الشيطان ،  ويخشع منه المنافق والفاجر ، وتكون قبلته إذا صلى ،  وقوة إذا أعيا.
ومن استعملات العصا " النبّوت" كما وصفه الأعرابي للحجاج واستعملات العصا كثيرة كما جاءت على لسان الأعرابي:
 ( لقي الحجاج بن يوسف الثقفي أعرابياً...فقال له :ما بيدك؟ قال هي عصاي أركزها لوقت صلاتي، وأعدها لأعدائي، وأسوق بها دابتي، وأقوى بها على سفري، وأعتمد عليها في ذهابي وايابي ، يتسع بها خطوي ، وأثب بها على النهر، وتؤمن العثرة وأتقي بواسطتها شر العشرة ، وألقي عليها كسائي فتقيني الحر وتجنبني القرّ ، وتدني إلى مابعد عنّي ، وتحمل سفرتي وأدواتي ، وأقرع بها الأبواب ، وأضرب بها الكلاب ، وتنوب عن الرمح في الطعان وعن السيف في منازلة الأقران ، وأهشّ بها على غنمي ، ولي فيها مآرب أخرى ، ورثتها عن أبي ، وسأورثها ابني من بعدي .... فضحك الحجاج, وقال له : كفّ يا أعرابي ودَعْ أوصافها لمرة أخرى..) .
"النبوت " العصا تستعمل للرعي ، كما قال الشاعر :
    ما القوس إلاّ عصاً في كفّ صاحبها ... ترعى بها الضأن أو ترمى بها البقر  استعمال النبوت مع مراحل العمر للإنسان ، يحمله الصغار للّعب ، ويتمسك به الشباب للتباهي أو لإظهار القوة أوللدفاع عن النفس ،    ويحتفظ به الكبير ليتوكأ عليه وليساعده على المشي ، كما قال الشاعر النبطي ناصر المسعري ـ يرحمه الله تعالى  إن شاء الله ـ مخاطبا ابن جعيثين أن سبب حمله للنبوت أو العصا لم يكن تعاليا على الناس بل لتساعده على المشي ، لأن نظره قد خفّ وهمته قد فترت بسبب كبر السن :
يابن جعيثن قل شوفي وحيلي   وشلت العصا ولا عليّه من الناس
    يستعمل "النبوت" العصا للتعالي كما يستعمل للمساعدة على المشي كما قال الشاعر حملت العصا لتساعدني وليس للكبر والتعالي.
علي بن أحمد بن ربيعة العبادي ثم العقيلي [23]، كان فصيحا . وذكر عبد الله أنه لم ير أفصح منه وكان ضريرا . وهو القائل :
كبرت ورق العظـــم مني وعقني ... بني وزالت عن فراشي القصائد
وأصبحت أعشى أخبط الأرض بالعصا... يقودني بين البيـوت الولائـد
استعمل الشاعر "النبوت" العصا لتقوده بين البيوت للأنه لا يرى . وللأعمى تسمى الآن  (العصا البيضاء ، عصا هوفر).
  استعمل النبوت للرقص فيرقص به الراقصون ( رقصة التحطيب ) و(رقصة النبّوت والمزمار).
  للنبوت الدور البارز عبر العصور في المخاصمات والمشاحنات وفك النزاع وخاصة في الحارات وفي القرى والبادية..
  استُخْدِم النبّوت للفزعة  وللزينة و الهيبة في قطر و باقي دول الخليج .. واسْتُعْمِل لحماية صاحبه في الترحال خاصة إذا ما سرى بالليل..
  اسْتُعْمِل لقياس المسافات ، و قيادة وتأديب المطية، ولطرق الأبواب، وللسيطرة على قطعان الإبل والأغنام ، واستعمل كذلك – و لايزال – في تحضير(الهريس) الأكلة الشعبية المعروفة في قطر وباقي منطقة الخليج...
  استعمل لحفظ الأمن في الدن والقرى فترة طويلة من الزمن ، وخاصة عند الخفر أو الحرّاس . العسس الذين سهروا على أمن الناس في المدن والقرى .
حراس بلدية بيروت
  في أواسط القرن السابع عشر تم إقامة الحراسة الليلية للمنازل والدكاكين والوكالات التجارية، على النسق المعمول به يومئذ في مصر(نظام الخفر) وكان لباس الحارس كلباس الشرطي أما سلاحه فكان نبوت طويل من خشب السنديان يستعمل كسلاح شخصي من جهة وللتنبيه ، فإذا وصل إلى آخر الشارع الذي يتولى حراسته يضرب نبوته بالأرض بشدة ويصرخ بصوت قوي (ها) فيتردد صدى صوته وصزت نبوته في ليالي مدينة بيروت الهاجعة ، ويرد عليه زميله بالحركة والصوت ذاتهما. هكذا يتردد الصوت من حارس لحارس ، ومن شارع لشارع ، فتدخل هذه الأصوات والحركات الطمأنينة إلى الأهالي النائمين. وبقي الحال حتى سنة 1945 بعدها حمل الحراس السلاح بدل النبوت .
الحراسة في مصر بالنبوت أيام العمدة وشيخ الخفر وذلك قبل استبدال النبوت بالبندقية:
     المعروف إن العمدة لا يسير إلاّ بصحبة النبوت وهو الذي كان قديما يعين شيخ الغفر للحفاظ على المدينة أو القرية ومصالح الناس وهو المسؤول عن مجموعة من الخفر فيتتبعوا المجرم والحراسة الليلة  لذلك خفير الحراسة سهر على مصالح الناس في مصر فترة طويلة من الزمن وخاصة أيام الحكم العثماني وما بعده ، والخفير هو حارس الليل، والنبوت هو هراوته أو عصاه الغليظة..
        كما قاوم رجال الأزهر الحملة الفرنسية التي قدمت لمصر أيام نابليون بونابرت... (قبل ثورة 1919 بست سنوات كانت ثمة ثورة أخرى استخدم فيها الأزهريون[24] للمرة الأولى العصي والنبابيت ( جمع النبوت وهو عصا غليظة، ضربتها قاتلة...) ولكن الثورة هذه المرة كانت ضد الاحتلال الفرنسي للبلاد (1798 ـ 1801) وكبّدت الثورة جنود الاحتلال خسائر فادحة واستمرت لثلاثة أيام فلم يجد نابليون بونابرت من حل سوى اقتحام الأزهر بخيوله وقتل الأزهريين في أروقتهم وفي صحن الجامع وضرب الأزهر بمدافع ميدانية لكي يقمع الثورة ( وهو التدنيس الوحيد للجامع الأزهر منذ إنشائه قبل ألف عام ، ولا يزال هذا الحادث محفوراً في الذاكرة المصرية )..
 وحتى وقت ليس ببعيد كان حراس الآثار يحملون النبوت إلى أن تسلحوا بالبنادق التراثية القديمة في هذه الأيام ..وكان نظام الحراسة والخفر بالنبوت معمول به في معظم المناطق العربية ، ومع مرور الزمن تحوّل للخفير (الغفير) ، وبعدها انتقل إلى الحارس والناطور الذي يحرس مصالح الناس وممتلكاتهم من بيوت ومتاجر ومصانع ، إلى أن انتقل للبواب الذي يقوم على خدمة وحراسة البنايات الحديثة.
النبوت مصدر طمأنينة للناس :
   النبوت مثل ما كان مصدر خوف وفزع لبعض الناس من تحطيم الرؤوس وتكسير الأضلاع، والخوف من نبوت السراقين والمجرمين فهو أيضا مصدر طمأنينة للناس أمن وأمان في مدنهم وقراهم كما حدث في كل من مصر ولبنان وفلسطين وبلاد الشام وفي أقطار عدة من العالم  ، هذا من منتصف القرن السابع عشر حتى 1945م:
النبوت أداة تعذيب وتهديد :
     الحكومات استغلّت المثل العامي "العصا لمن عصى". وفسّرت  العصا والعصيان،. فالعصا جزاء العصيان. وهو ما يفسر قسوة الأمن المركزي في قمع المظاهرات، وسَحْل المعارضين، وضرب الطلاب والعمال المعتصمين وصور نجيب محفوظ كرباج الوالي وعصا الشرطي في الطريق العام، والأمن المركزي ضد مظاهرات الطلاب والعمال، والناظر والمشرف في المدرسة يهش بها على الطلاب كما يفعل راعي الغنم.والنبوت هو عصا الفتوة كما في "التوت والنبوت" وفي ملحمة "الحرافيش". وكذلك هي عصا الأب ضد أبنائه وبناته من أجل "سُك على بناتك". وهي رمز العقاب والقرع والتأنيب والتهذيب والتربية.   
        كان حسين بك شفت[25] رجلا ظالما، ذهب بجنوده يوما إلى بيت الشيخ أحمد سالم الجزار شيخ دراويش البيومى ( بالحسينية ) فنهب ما فيه حتى حلى النساء ، و فى اليوم التالى ثار أهل الحسينية و حضروا إلى الجامع الأزهر و معهم الطبول و كثير من العامة بأيديهم النبابيت ، و التقوا بالشيخ الدردير فشجعهم و قال لهم غدا نجمع أهل الأطراف و الحارات وبولاق و مصر القديمة ، و أركب معكم ، و ننهب بيوت المماليك كما ينهبون بيوتنا ، و نموت شهداء أو ينصرنا الله عليهم ، فلما بلغ ذلك رجال الدولة ، أوفدوا إلى الشيخ الدردير يطلبون إليه أن يرسل إليهم قائمة بما نهبه حسين بك ، الذى اضطر أن يرد ما نهبه من بيت شيخ الدراويش .
    في عام 1829 كتب محمد علي باشا[26] في خطاب منه إلي الدواوين أنه : " طالما أغدق النعم .. ولكن ذلك كله لم يجد نفعا.. ولم يبق والحالة هذه إلا استعمال النبوت في تقويم ما اعوج من أحوال ".
   شهيد مصري رفع رأسه على نبوت أيام الحملة الفرنسية على مصر:
(محمد كرد علي [27]) محمد بن عبد الرزاق محمد كريم (1213 هـ - 1798 م) محمد كريم من شهداء مصر في عهد الاحتلال الفرنسي: من أهل الاسكندرية.
 التعذيب أيام الحكم التركي ( زقنبوت):
   يُقال : كان الأتراك في زمن الحكم العثماني  في مصر يعاقبون بعض الخارجين عليهم بأن يُحضروا العصاة المسماة في مصر (نبّوت) ثم يتم ادخالها في فم الشخص المراد تعذيبه حتى تخرج من (دبره) أمام حشد من الجمهور، وكان هذا يُسمّى(زق) أي ادخال الشيء في الفم بدون مضغ و(النبوت)وهي العصاة فصار(زق النبوت) أو (زقنبوت)، وبقي الناس يتذكرون هذه الطريقة الوحشية في التعذيب فأصبحت نوع من الشتيمة.
   كما تسلل النبوت في غفلة من الزمن و في ليلة حالكة السواد إلى أيدي (البلطجية ، والسرّاقين ) و(الفتوة المتهورين وإلى أيدي قساة القلب المتجبرين )، أيام ضعف الدولة التركية وظهور الإقطاع ، فصار الإقطاعيون يجمعون الفتوة والبلطجية حولهم ليحافظوا على ممتلكاتهم وليحولوا العمال إلى عبيد في مزارعهم .فصار وقتئذ لتحطيم الأضلاع وتكسير الرؤوس .
   استعمل في القتل وأخذ الثارات ..
كانت القبائل العربية تقاتل بالعصي ، فلهذا قال الأعشى ميمون بن قيس ابن جندل[28] في قصيدته:
              وَرَأَت بِأَنَّ الشَـيبَ ... جانَبَـهُ البَشاشَةُ وَالبَشارَه
              لسنْاَ نُضَــارِبُ بالعِصِيِّ ... ولا نُقاذِفُ بالحِجَـارَه
              إلا بِـكُلِّ مـُهَنــدٍ ... عَضْبٍ من البِيض الذكارة
قال أوس بن حجر :
             لَحَينَهُمُ لَحيَ العَصا فَطَرَدنَهُم ... إِلى سَنَةٍ جِرذانُها لَم تَحَلَّمِ
      قيل لأحد الصالحين: مالك تدمن إمساك النبوت، ولست بكبير ولا مريض؟! ..فقال: لأذكر أني مسافر، وإنها دار قلعة ، وإنّ العصا من آلة السفر:
أنبأنا محمد بن طاهر قال: أنشدنا أبو علي بن وشاح[29] لنفسه:
حملت العصا لا الضعف أوجب حملها   عليّ  ولا أنـي انحـنيت من الكبـر
ولكنني ألـزمت نفســي بحملــها   لأعلمها  أني المقيم على سفــــر
يعتبر النبوت أداة مهمة لفاقدي البصر أنه الصديق الحميم حيث يساعدهم في التعرف والكشف عن طريقهم [30].

     اسْتُخْدِم النبوت لتهريب أشياء أو مواد ثمينة في جوفه , والنبوت الصغير نسبيا مسموح الصعود به على متن الطائرات المدنية بعد فحصه والتأكد من خلوه من مفاجئات لا تخطر على بال . ولنبوت من الأسلحة التقليدية التراثية ؛يوجد هواة لجمع نوادر العصي أو النبابيت ، وكان فرعون مصر أول المهتمين بجمع النببابيت وأنواعها، و تنوعت وتغير اسمها على امتداد التاريخ وتعددت أشكالها وتطورت إلى أن أصبحت من أسلحة التراث التي تطورت فيما بعد

حيث هناك أنواع من النبابيت يحوي في داخله على أسلحة خفية , يحوي على سيخ حديدي مدبب يمكن استخدامه كسلاح عند الحاجة ، و أن يحوي على فوهة بندقية مخفية ، وأن يكون النبوت ذلك العصا الغليظة ذات النتوءات يحملها الفتوات , أو ذلك النبوت المميز الذي يحمله دوما الشرطي البريطاني , أو لصولجان الذي يحمله الملوك والأمراء في الاحتفالات أو نبوت التبختر الذي لا ينساه الضباط والقادة.

    النبوت يستخدمه الفلاح في ضرب الحيوان أو في ( الطوشات ) أو في تكسير التراب
     من استعمالات (النبوت ) العصا قديمــا كما جاء في قصة الشـــرقي مع التغلبي[31]:
   قال الشّرْقيّ: خرجتُ من الموصل وأنا أريد الرَّقّةَ مستخفياً، وأنا شابٌّ خفيف الحاذِ، فصحبني من أهل الجزيرة فتى ما رأيتُ بعده مثلَه، فذكر أنه تغلبي، من ولد عمرو بن كلثوم ، ومعه مِزْود وركوة وعصاً، فرأيتُه لا يفارقها، وطالت ملازمتُه لها، فكدت من الغيظ أرمي بها في بعض الأودية، فكنَّا نمشي فإذا أصبنا دوابَّ ركبناها، وإن لم نُصب الدوابَّ مشَينا، فقلت له في شأن عصاه، فقال لي: إنّ موسى بن عمران صلى الله عليه وسلم حين آنس من جانب الطُّور ناراً، وأراد الاقتباس لأهله منها، لم يأتِ النارَ في مقدار تلك المسافة القليلة إلاّ ومعه عصاه، فلما صار بالوادي المقدَّس من البقعة المباركة قيل له: ألق عصاك، واخلَعْ نعليك، فرمى بنعليه راغباً عنهما، حين نزّه اللَّه ذلك الموضِع عن الجِلد غير الذَّكيّ، وجعل اللَّه جِمَاعَ أمره من أعاجيبه وبرهاناته في عصاه، ثم كلمه من جوف شجرةٍ ولم يكلّمه من جوف إنسان ولا جانّ، قال الشّرْقيّ: إنه ليُكثر من ذلك وإني لأضحك متهاوناً بما يقول، فلما برزْنا على حمارَينا تخلَّف المُكَاري فكان حمارُه يمشي، فإذا تلكّأَ أكرهَه بالعصا، وكان حماري لا ينساق، وعلم أنه ليس في يدي شيءٌ يُكرهه، فسبقني الفتى إلى المنزل فاستراح وأراح، ولم أقدر على البَراح، حتَّى وافاني المُكاري، فقلت: هذه واحدة، فلمّا أردْنا الخروجَ من الغدِ لم نقدْر على شيءٍ نركبُه، فكنا نمشي، فإذا أعيا توكأ على العصا، وربما أحضَرَ ووضع طرف العصا على وجه الأرض فاعتمد عليها ومَرَّ كأنه سهم زالج، حتى انتهينا إلى المنزل وقد تفسَّخْتُ من الكلال، وإذا فيه فضل كثير، فقلت: هذه ثانية، فلمَّا كان في اليوم الثالث، ونحن نمشي في أرض ذات أخاقيقَ وصُدوع، إذْ هجمنا على حيَّةٍ منكَرة فساورتْنا، فلم تكن عندي حيلةٌ إلا خِذلانَه وإسلامَه إليها، والهربَ منها، فضربها بالعصا فثقلت، فلمَّا بَهَشَت له ورفعت صدرَها ضَربَها حتَّى وقذَها، ثمّ ضربها حتَّى قتلها، فقلت: هذه ثالثةٌ، وهي أعظمهنّ، فلمّا خرجنا في اليوم الرابع، وقد واللّه قَرِمْت إلى اللَّحم وأنا هاربٌ مُعْدِم، إذا أرنبٌ قد اعترضَتْ، فحذفها بالعصا، فما شَعرتُ إلاّ وهي معلَّقة وأدركنا ذكاتَها، فقلت: هذه رابعة، وأقبلتُ عليه فقلت: لو أنّ عندنا ناراً لما أخّرتُ أكلَها إلى المنزل، قال: فإنّ عندك ناراً فأخرج عُوَيداً من مِزْودِه، ثمّ حكّه بالعصا فأورَتْ إيراءً المَرْخُ والعَفَارُ عنده لا شيء، ثم جَمَع ما قدَر عليه من الغُثاء والحشيش فأوقد نارَه وألقى الأرنبَ في جوفها، فأخرجناها قد لزِق بها من الرَّماد والتُّراب ما بغّضَها إليّ، فعلَّقَها بيده اليُسرى ثم ضرب بالعصا على جُنوبها وأعْراضها ضرباً رقيقاً، حتَّى انتثر كلُّ شيءٍ عليها، فأكلناها وسكن القَرَم، وطابت النَّفس، فقلت: هذه خامسة، ثمّْ إنّا نزلْنا بعضَ الخانات، وإذ البيوتُ مِلاءٌ روثاً وتُراباً، ونزلنا بعَقِب جُنْدٍ وخَرابٍ متقدّم، فلم نجدْ موضعاً نَظلُّ فيه، فنظر إلى حديدةِ مِسحاةٍ مطروحةٍ في الدّار، فأخذَها فجعل العصا نِصَاباً لها، ثمّ قام فجرفَ جميعَ ذلك التُّرابِ والرَّوث، وجرَدَ الأرضَ بها جَرْداً، حتَّى ظهر بياضُها، وطابت ريحُها فقلت: هذه سادسة، وعلى أيِّ حالٍ لم تَطِبْ نفسي أن أضعَ طعامي وثيابي على الأرض، فنَزَع واللَّه العصا من حديدة فلما صرتُ إلى مَفْرِق الطُّرق، وأردتُ مفارقته، قال لي: لو عَدَلت فبتَّ عندي كنتَ قد قضيتَ حقَّ الصُّحبة، والمنزلُ قريب، فعدلتُ معه فأدخلَني في مَنزلٍ يتَّصل ببيعة، قال: فما زال يحدِّثني ويُطْرِفني ويُلْطِفني اللّيلَ كلَّه، فلما كان السّحرُ أخذ خُشَيْبة ثم أخرجَ تلك العصا بعينها فقرعَها بها، فإذا ناقوسٌ ليس في الدنيا مثلهُ، وإذا هو أحذَقُ الناس بضرْبه، فقلت له: ويلَك، أمَا أنت مسلم، وأنت رجلٌ من العرب من ولد عَمرو بن كلثوم ؟. قال: بلى، قلت: فلِمَ تضربُ بالناقوس؟ قال: جُعلتُ فِداك إنَّ أبي نصرانيّ ، وهو صاحب البِيعة، وهو شيخٌ ضعيف، فإذا شَهِدتُه بَرَرته بالكفاية ، فإذا هو شيطانٌ مارد ، وإذا أظرفُ النّاس كلِّهم وأكثرُهم أدباً وطلباً، فخبَّرته بالذي أحصيتُ من خِصالِ العصا، بعد أن كنتُ هممتُ أن أرمَي بها، فقال: واللَّه لو حدّثتُك عن مناقب نفع العصا إلى الصبح لما استنفَدْتُها المِسحاة فوتَدها في الحائط، وعلَّقَ ثيابي عليها، فقلت: هذه سابعة ..
استمل النبوت أداة تخريب وتكسير
"أحداثُ" [32]1919، على وجه التعيين، تظاهرُ المتعلمين والطلاب. ونصف هؤلاء من المدارس الرسمية، ونصفهم الآخر من الأزهر. وانضم الى طليعة المتظاهرين اهالي الضواحي، وهذه تعاظم عدد سكانها منذ اوائل القرن، وتردت أحوالهم. وتقدم صفوف المتظاهرين الأولاد والمتشردون والباعة المتجولون وباعة الصحف. وحمل بعضهم "النبوت" (عصا الخيزران)، وكسروا به زجاج المحال الأوروبية. وانتشرت الحركة في المدن والأرياف، وعمت الناس كلهم، على اختلاف طبقاتهم. وكانت مشاركة الطبقات "الدنيا"، المتصلة بعالم الجنوح والسرقة والجريمة وتعاطي المخدرات....
كان في أول أمره قبانيا، وتقدم به نشاطه فتقلد أمر الديوان والجمارك بالثغر، ونفذت كلمته وأحكامه، وتصدر لغالب الامور.
 ولما نزلت الحملة الفرنسية في الاسكندرية، يقودها نابليون بونابرت، قاومها محمد، فاعتقله الجنرال كليبر (يوم 20 يوليه 1798) وحبسه في إحدى البوارج الراسية في (أبو قير) ثم أرسله إلى القاهرة، لينظر الجنرال نابليون في أمره.وطلبت منه أموال للافراج عنه، إن قدمها في خلال اثنتى عشرة ساعة، وإلا قتل.ومضت المدة ولم يأت بالمال، فأركبوه حمارا يحيط به جمع من العساكر، يتقدمهم طبل يضربون عليه، وطافوا به إلى أن بلغوا موضعا
كان يعرف بالرميلة، فقتلوه رميا بالرصاص وقطعوا رأسه ورفعوه على نبوت ومعه مناد يصيح: هذا جزاء من يخالف الفرنسيس ! وأخذ أتباعه الرأس بعد ذلك فدفنوه مع الجثة.
النبوت رمز أو شعار :
النبوت رمز النبوة :عنما عرف سيدنا شعيب سيدنا موسى عندما أخذ عصا النبوة من عنده عصا سيدنا آدم عليهم الصلاة والسلام .
 النبوت رمز العدل : مثل درة سيدنا عمر رضي الله عنه .
النبوت رمز لكل ما هو مهم في هذا العالم : مثل نبوت الوزارة ، نبوت فريق كرة القدم ...
النبوت رمز : للجمع بين السلطة العسكرية والسلطة السياسية ،وتتمثل في" المارشالية" التي كان يمسك به رئيس الجمهورية الثانية في مصر..
رمز نبوت "صولجان رومل" الذي يجمع بين السلطة العسكرية والسلطة السياسية.
رمز نبوت الرئيس السوداني الذي يمسك به ويرفعه عالياً لتحية الشعب ، وهو تراث ديني قديم منذ عصا موسى عليه الصلاة والسلام ..
رمز" النبوت السحري " أو العصا السحرية ، التعبير الذي استقر في الاستعمال اليومي ، القادر على التغلب على كل القوى الأخرى مثل عصا ستدنا موسى عليه الصلاة والسلام التي تلقفت كل عصي السحرة .
يقال أن بعض الأعواد كانت مسحورة أو مربوطة بحجاب في المدينة المنورة ! ربما يكون ذلك ضربا من الخيال، ربما تكون مجرد إشاعة عند العامة ،ولا أحد يستطيع أن يقدم الدليل على مدى صحة هذا الكلام .
النبوت رمز الفتوة والشجاعة والشهامة والمرجلة .
النبوت رمز القهر  والسطو والبلطجة وتحطيم الرؤوس وتكسير الأضلاع .
النبوت رمز الفزعة أوالعونة للقبيلة أو أهل القرية وتعرف في كل من قطر وبلاد الشام وفلسطين ."انصر أخاك ظالما أو مظلوما" .
النبوت رمز أو شعار المليشيا الحزبية في الجمهورية العربية السورية نبوتي ملكارت المتقاطعتين :
النبوت في " شعار الزعامة" فهو يرمز إلى نبوت ملكارت الذي هو عبارة عن هراوة، فوقها شعار صور ( مـYـ ). 
وتظهر " هراوة ملكارت" في " شعار الميليشيا الحزبية" الذي يرمز إلى القوة. والهراوة هي شعار ملكارت، إله القوة، وصورة الهراوة مأخوذة عن قطعة نقود من العهد السلوقي ويحتل النبوت ـ الهراوة معظم " الشارات" في " الميليشيا القومية" كما في رتب : 
ـ الهام وشعاره نبوت ملكارت
ـ العقيد وشعاره نبوت مع زوبعة على نجمة تحت مقبضه
ـ المشير وشعاره نبوتان متقاطعتان .
ـ الأمير وشعاره نبوتان متقاطعتان مع نجمة مزوبعة في المثلث الأعلى.
ـ الأمير العام وشعاره نبوتان متقاطعان مع نجمتين مزوبعتين في المثلثين.
ـ الزعيم كما في " نسر الزعامة " الذي أشرنا إليه[33]
عرضت بعض الأدوات[34] التي كانت تستخدم في الدفاع عن النفس ضد الوحوش كالعصاة العادية والعصا الحريفية والدبوس والنبوت والعكازفي معرض الفنان والباحث برهان حيدر من بلدة عين البيضا في سوريا.
النبوت أوعصا الأنبياء والرُّسل:
        سيدنا آدم عليه الصلاة والسّلام عندما نزل على وجة الأرض ، نزل وبيده النبوت ـ مع إنّ لفظة النبوت لم تعرف قديما إلاّ بالعصا ـ كما يقال ـ ليغرسها في الأرض ، فتنبت فتكون شجرة يأكل من ثمارها أو ليعتمد عليها في حياته ، ثمّ توارثتها الأنبياء من بعده ...
         سيدنا سليمان بن داود عليهما الصلاة والسّلام فى قال المولى عز وجل: "فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ " سورة سبأ/ الآية:14... وسأته هي العصا أو النبوت الذي يرتكز عليه وكانت عصاه تشبه الصولجان[35] ، أي عصا غليظة طويلة ، تشبه النبوت إذا لم تكن نبوتا بالفعل ، كان يتوكأ عليها أثناء وقوفه أوأثناء جلوسه على فرسه…..واتخذها سليمان لخطبته وموعظته وطول صلاته.
       سيدنا أيوب عليه الصلاة والسلام والنبّوت أو العصا في أيامه : حلف سيدنا أيوب عليه الصلاة والسلام أن يضرب زوجته مئة عصا لتأخرها عليه :
      قال تعالى : {فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين[36]}.
     يذكر تعالى عن أيوب عليه السلام ما كان أصابه من البلاء في ماله وولده وجسده ؛ وذلك أنه كان له من الدواب والأنعام والحرث شيء كثير، وأولاد كثيرة ، ومنازل مرضية، فابتلي في ذلك كله وذهب عن آخره. وقد روي؛ أنه مكث في البلاء مدة طويلة ثماني عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد إلاّ زوجته ورجلين من إخوانه، كانا من أخص إخوانه له، كانا يغدوان إليه ويروحان ،وزوجته كانت تتعب بالعمل تجمع حطبا وتبيعه ،وتحضر له بعض الطعام ... وفي يوم تأخرت كثيرا  فخاف عليها سيدنا أيوب عليه السلام وغضب ، وحلف إن أتت ليضربها مئة عصا..أتت وقد تأخرت لبعد الطريق ولتعبها بالعمل ، فكان عذرها مقنعا وصحيحا...لكن سيدنا أيوب عليه السلام حلف ليضربها مئة عصا فمن الله سبحانه وتعالى عليه ...حيث إنه جمع حزمة أعواد (100) مئة عود وضربها ضربة خفيفة...
     سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام ونبّوت أوعصاه البيضاء التي كانت تخبره بما يكنّ به قومه من شرّ : قال له نوح: مَن أنت ؟. (لسيدنا جبريل عليه الصلاة والسلام). قال: فصاح جبرئيل صيحة واحدة تداعت الجبال فأجابته الملائكة بالتلبية ورجّت الارض وقالت: لبّيك لبّيك يا رسول ربّ العالمين.  قال:  فبقي نوح مرعوباً. فقال له جبرئيل: أنا صاحب أبيك آدم والرفيع إدريس ، والرحمـــن يقرئك السلام ، وقد أتيتك بالبشارة ، وهذا ثوب الصبر وثوب اليقين وثوب النصرة وثوب الرسالة والنبوة ، وقد أمرك أن تتزوّج بعمورة بنت ضمران بن خنوخ ، فإنّها أوّل مَن تؤمن بك . فمضى نوح يوم عاشورا إلى قومه وفي يده عصا بيضاء ـ وكانت العصا تخبره بما يكنّ به قومه ، وكان رؤساؤهم سبعين ألفَ جبّارٍ عند أصنامهم في يوم عيدهم ـ فنادى:  لا إله إلاّ الله آدم المصطفــى وإدريس الرفيع وإبراهيم الخليل..
كما ضُرِبَ سيّدنا نوح عليه السلام بالعصا أو النبوت الصغير :
       وذات يوم جاء رجل ومعه ابنا يتوكأ على عصا( نبوت) مما أصابه من الشيخوخة[37], فقال العجوز لابنه وهو يشير إلى سيدنا نوح:
أنظر يا بني إلى هذا الشيخ إيّاك أن يغرّك .
فقال الابن لأبيه: يا أبت أعطني العصا التي تتوكأ عليها. فأعطاه أبوه الشيخ العجوز العصا التي كان يتوكأ عليها، وجلس على الأرض, فمشى الابن إلى نوح عليه السلام , فضربه عدّة ضربات.. ولكن نوح عليه السلام لم ييأس وظلّ يدعو قومه عشرات ومئات السنين ولكن دون جدوى.
سيدنا شعيب ونبّوت أوعصا الأنبياء: قال ابن وهب : إن شعيباً كانت عنده عصا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فقال لموسى ـ حين عهد إليه برعى الغنم ـ : ادخل البيت فخذ عصا من العصى الموجودة بداخله ، فمد موسى يده فإذا بها تلك العصا التى هبط بها آدم من الجنة ، و لم تزل مع الأنبياء يتوارثونها ، حتى وصلت إلى شعيب عليه السلام ، فاحتفظ بها ، فلما قدمها موسى إليه عرفها و ضن بها عليه ، فقال له : أرددها وخذ غيرها ، فردّها ، و لكنه حين مدّ يده ليأخذ غيرها كانت هي من نصيبه ثانياً ، فقال : ارددها و خذ غيرها ، فكان أمره معها ثانياً كما كان أولاً ، و تكرر ذلك سبع مرات ، و هنالك خفق قلب شعيب فرحاً ، و قال له : خذها ، ثم التفت إلى ابنته و قال لها : إن لزوجك لشأناً و إنه لنبى .
وفي رواية أخرى[38] : قال سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام لشعيب : أعطني عصا تكون معي و كان عصا الأنبياء عنده قد ورثها مجموعة في بيت . فقال له شعيب : ادخل في هذا البيت وخذ عصا من بين تلك العصي فدخل فوثبت عليه عصا نوح و إبراهيم صلوات الله عليهم ، و صارت في كفّه فأخرجها و نظر إليها شعيب فقال ردها و خذ غيرها فوثبت إليه تلك العصا بعينها حتى فعل مثل ذلك مرات فلما رأى شعيب ذلك قال له اذهب بها فقد خصك الله بها.
سيدنا إبراهيم هو أول من اتخذ (النبوت) العصا ليتوكأ عليه من الأنبياء. سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام كانت عصاه طولها عشرة أذرع [39]، ذاك هو النبوت ، علما بأن هذا الاسم مستحدث لايعرف عند الأقدمين إلاّ بالعصا ، قال الله تعالى إخبارا ًعن موسى عليه السلام قال:" هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ، ولي فيها مآرب أخرى"[40]..  صورة عصا سيدنا موسى ، جاء فى بعض كتب التفسير أنها كانت تماشيه ، و تحدثه ، و تحارب العدو و السباع ، و تصير رشا ، فتطول بطول البئر ، و تصير شعبتاها دلواً ، وتكونان شمعتين للإضاءة ليلاً ، و تحمل زاده ، و يغرسها فى الأرض فتثمر له ثمرة يشتهيها ، و يركزها فى الأرض فينبع منها الماء ، فإذا رفعها نضب ، وتقيه الهوام ، و إذا أراد طيباً فاح منها الطيب ، وإنّ عصا(نبوت) سيدنا موسى عليه السلام . وكان يتوكأ عليها أي يستعين بها في المشي والوقوف. ويخبط بها على أغصان الشجر ليسقط ورقها فيسهل على غنمه تناولها فتأكلها. وإذا هجم سبع أو عدو [41]فإنها كانت تقاتله وتحاربه وتبعده عن الأغنام وعنه عليه السلام .
   ونبّوت أوعصا سيدنا موسى عليه السلام لها عدة أسماء[42] ذكرها العلماء, فقيل أن اسمها "ماسا" وقيل اسمها "نفعة" واسمها "غياث", وقال آخرون: اسمها "عليق" وكان طولها عشرة أذرع على طول موسى عليه السلام.
     سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كانت له نبّوت أو عصا يقال عنها محجن :
     كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت ويستلم  الحجر الأسود فقد قبّل سيدنا رسول الله الركن (أي الحجر الأسود) بمحجن معه ويقبل المحجن[43] (وهو عصا محنية الرأس).
      وفي رواية أخرى: وكان للرسول صلى الله عليه وسلم محجن وهو عصا معوجة الطرف يشير به إلى الحجر إذا لم يستطع أن يقبله ؛ وهذا ثابت في الصحيح .
       قال ابن إسحاق‏:‏ وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور، عن صفية بنت شيبة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بمكة واطمأن الناس، خرج حتى جاء البيت ، فطاف به سبعاً على راحلته يستلم، الركن بمحجن في يده‏.‏  وما زالت عصاه في المتحف هي وعمامته والسيف صورة عصا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
كان يهدي من يحب عصا ... [ إهداء الرسول عصا لابن أنيس ] [44]  . قال عبد الله ابن أنيس في وصف الحادثة : ثم قام بي ، فأدخلني بيته فأعطاني عصا ، فقال أمسك هذه العصا عندك يا عبد الله بن أنيس . قال فخرجت بها على الناس فقالوا : ما هذه العصا ؟ قلت : أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرني أن أمسكها عندي . قالوا : أفلا ترجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسأله لم ذلك ؟ . قال فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله لم أعطيتني هذه العصا ؟ قال آية بيني وبينك يوم القيامة . إن أقل الناس المتخصرون يومئذ قال فقرنها عبد الله بن أنيس بسيفه فلم تزل معه حتى مات ثم أمر بها فضمت في كفنه ثم دفنا جميعا.
      وفي الصحيحين: أنه عليه الصلاة والسلام كان له مخصرة. والإجماع منعقد على أن الخطيب يخطب متوكئا على سيف أو نبوت الذي يطلق عليه قديما اسم العصا. وكان للنبي صلى الله عليه وسلم عنزة تركز له فيصلي إليها. وكان إذا خرج يوم العيد يؤمّ بالحربة فتوضع بين يديه فيصلي إليها؛ وذلك ثابت في الصحيح.
     وقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل أوصاه: "لا ترفع عصاك عن أهلك أخفهم في الله" رواه عبادة بن الصامت؛ أخرجه النسائي.
فالنبوت أو العصا مأخوذة من أصل كريم شريف ، ولا ينكرها إلا جاهل. والذي يتندر بمن يحمل النبوت أو العصا يكون مكابرا كما قال فيه ابن الأعرابي:
 علـق الفؤاد بريـق الجهــــل      وأبر واستعصى على الأهل
     ورد النبوت بلفظ كلمة العصا في القرآن في 12 آية وأتت مرة واحدة بلفظ سأته (منسأته).و(سأة):
1 ) قال تعالى : {فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى[45] }   .
2) قال تعالى :{ فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم [46]} .
3) قال تعالى : { وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنَاً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاس مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللهِ وَلاَ تَعْثَواْ فِى الاَْرْضِ مُفْسِدِينَ[47] }.
4) قال تبارك وتعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ[48]} .
5) قال تعالى :{ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَىَ , قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشّ بِهَا عَلَىَ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىَ , قَالَ أَلْقِهَا يَامُوسَىَ ,فألقاها فإذا هى حية تسعى[49] } .
6) قال تعالى : {وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمّا رَآهَا تَهْتَزّ كَأَنّهَا جَآنّ وَلّىَ مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقّبْ يَامُوسَىَ أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنّكَ  مِنَ الاَمِنِينَ [50] }.
7 ) قال تعالى:{فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَان مُبِينٌ[51] }.
 8 ) قال تعالى:{ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ [52]}.
9 ) قال تعالى:{فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى [53]}.
10 ) قال تعالى: { وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ    فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ    [54] }.
 11 ) ويقول الله سبحانه:{ وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إنى لا يخاف لدى المرسلون [55]}.
12 ) قال تعالى:{ قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى فأوجس في نفسه خيفة موسى قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى[56] }.
*) يقول المولى عز وجل: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ[57] }.
انتشار النبوت في الريف المصري : يعود إلى تلك العصور السحيقة (عصر سيدنا موسى ، وسيدنا شعيب عليهما الصلاة والسلام ، لأنه رمز للصلابة والقوة والشجاعة والدفاع به عن الحق والشرف ، والذي يظلم به يعدّ ظالما لأنه أستعمله في غير وجه حق ، فابن الأعرابي يقول: والعرب تعيب الرعاة بضرب الإبل لأن ذلك عنف بها وقلة رفق وأنشد:
 لا تضربها وأشهر لها العصا     فرب بكر ذي هباب عجرفي
العصا أو النبوت هي المعين.. كما قال ابن علقمة!
ولكننا نأبى الظلام ونعتصي     بكل رقيق الشفرتيـن مصـمم
واعتصى فلان بالسيف أي جعله عصا، وسميت بالعصا كما روى الأصمعي لأن اليــد والأصابــع تجتمـع عليها ، ومن ضـــرب بالعصا ومات كان قتله خطأ ، لأنها ليست من آلات القتل . فهي دفاعية وليســـت هجومية ، على عكس ما كانت عليه عند الإنسـان الأول .
ويقال ألقى المسافر عصاه إذا وصل موضعه وأقام.. ويقال:( إنّ العصـــا من العصية ) ،"النبوت "العصا هي الأمر الكبير والعصية (للتصغير) هي الأمر الصغير ، والأمر الكبير يأتي دائما من الأمر الصغير ، وعن الفرقة وقت المعركة لا يصلحها إلاّ السيف القاطع  قال الشاعر:
إذا كانت الهيجاء وانشقت العصا    فحسبك والضحاك سيف مهند
النبوت اسم اسم إنسان .... ولفظة ( أبي ) من استعمالات العرب:
النبوت له مذاق خاص فكل من امتلكه لا يتخلى عنه إلاّ قهرا أو عنوة ، ويلقّب به وهو مزهو فخور ، حتى تغلّب هذا اللقب على الاسم الحقيقي فأخفاه وحلّ مكانه ، بل زاد ... ـ هذا الّلقب المحبب ـ  حتى صار يُغْنِي عن اسم الاب، و  الجدّ والعائلة ، فصار كلّ من يتحدث عنه أو يناديه بـ (أبي نبوت) لقب يعتز به ويفتخر .. والنبّوت نفسه فيه من معاني العزّة والنخوة والشهامة والحمية والمرجلة ، وهذه المعاني تؤهله بأن يلتصق باسم الإنسان ، وزيادة على ذلك إنّه من التراث الممعن في القدم ، وصاحب الناس آلاف آلاف السنين ..
     لفظة (أبو) من استعمالاتها ، إن كان للرجل ولد أو بنت  يسمى باسمه أو اسمها فيقال (أبو فلان ) أو( أبو فلانة ) وكذلك لفظة ( أبي ) لها استعمال آخر ؛ كل صفة تلازم الإنسان ويتفرّد بها عن سائر الناس يتبناها فتصبح كالابن ـ وهذه لغة من لغات العرب قديما ـ فمثلا : يقال لمن يتصف بالشعر الطويل بـ ( أبي الشعر ) ،ومن يكون له جواسيس أو عيون ينقلون له الأخبار بـ ( أبي العينين ) ، ومن كانت على وجهه شامة يقال له : ( أبو شامة ) ، وكذلك أبو الظفائر لمن كانت له ظفيرة، وأبو قذلة لمن كانت له قذلة ، وأبو غليون لمن لازمه الغليون، وسيدنا آدم لأنه تفرد في سبب وجود البشرية نسميه بـ ( أبي البشر ) ، والذي تكون  خلفته كلّها بناتا نسميه بـ ( أبي البنات )…
   ويقال  أبو طير لمن لازمه الطير أو كان يتطيّر ، وأبو ديّة لمن كانت له يد واحده أو في يده عيب ، وأبو فروة[58] لمن لازمته الفروة في الصيف والشتاء، والرسول صلى الله عليه وسلم سمّى الصحابي الجليل عبد الله بن صخر الدوسي بـ ( أبي هريرة ) لأنه كان يحمل الهرة في كمه ولازمته هذه الصفة ..وكذلك النبوت عندما لازم صاحبه وتفنن الصاحب في استعماله صار يسمى بـ ( أبي نبوت ) ، وزاد  ( أبو النبوت ) في الشهرة  على ( أبي محجن ) مع إنّ المحجن والنبوت واحد ......  
    أبو نبّوت اسم عادي وليس  بنادر، فوجدنا الكثير في وطننا العربي مَنْ سُمّوا بهذا الاسم، حيث تجسد أبو نبوت الخيالي إلى شخصية حقيقية فيها القوة  والفتوّة ، وأخذ صفة المحتد والعراقة مع مرور الزمن.
   اسم أبي نبوت ليس غارقا في القدم ، والسبب إنَّ النَّاسَ كلَّهم قديما صاحبهم ولازمهم النبوت وخاصة في عصر البداوة والرعي ، وكلهم تفننوا باستعماله لاحتياجاتهم العديدة والمتنوعة له ، لذلك عاش النبوت بينهم رمزا عاديا لا يلفت الانتباه ولا يجلب الأنظار .. أما في عصر أبي نبوت ( القرن الماضي ) وما سبقه من سنين أخذت الحضارة مداها ، فاختلف نمط الحياة عند الناس ، وتفكك عالمنا العربي بالذات ، فظهر مجموعة من الإقطاعيين جندوا مجموعة من الفتوة و( البلطجية ) ليحموا مصالحهم وممتلكاتهم وليبتزّوا من عرق الفقراء وكدهم وتعبهم بقوة النَّبُّوت والسُّوط .. وكل من لا يدفع يلاقي ما يلاقي من تحطيم الجماجم وتكسير الأضلاع . ومن هنا خرج أبو نبوت ..   
   تكونت عائلات مع مرور الزمن تحمل اسم أبي نبوت :
توجد عائلة ( أبو نبوت)  بمكة المكرمة ، وفي مصر ولبنان، و سوريا وفلسطين، (حتى يقال إنّ عائلة من سكان يافا بفلسطين تدعى بـ (عائلة أبي نبوت[59]) حكمت يافا وفي عهدها تقدمت وازدهرت ، فأقامت في يافا المساجد والمدارس والسبيل [60] ورممت صور المدينة ،  وحفرت حولها خندقا لحمايتها من الغزاة ، كما بعد موته عمل أهله عن روحه سبيلا سمي بسبيل : أبي نبوت[61] وكان أبو نبوت واليا ليافا أبّان الحكم العثماني
سبيل أبو نبوت في يافا أُنقر الصورة لتكبيرها
وفي السودان كانت من الأسر الحاكمة في عهد الدولة التركية . وكل عائلة من هذه العائلات لا تمت بأي صلة مع الأخرى التي تحمل نفس الاسم  ( أبو نبوت ) ، وقسم منهم من أصول تركية ، وبرّز قسم من أبناء هذه العائلات في مجالات عدة كالطب في لبنان ، وآخرون في مجال الأدب ( الشعر والنثر ) ، ودخل قسم آخر منهم مجال الصحافة والتعليم في المدارس والجامعات ..
    النبوت من اسماء الجن :
     العصي أو( النبابيت) ( بأشكالها وألوانها وأحجامها وتفننا في صناعتها و نجارتها ) ، فصار بعض من الناس يتناقل عنها الأقاويل: بأن بها مس من السحر يجعل ( الشوف طشاش )، هذا من أيام سحرة فرعون عندما عملوا عصيهم وحبالهم حيّات، وظلّ هذا الاعتقاد سائدا بين الناس قرونا إلى زمن غير بعيد.
اسْتَغَلَّ المشعوذون هذا الاسم ليلصقوه بأحد اسماء الجن: وقال به المصريون أحاديث وحكاوي كثيرة : شعرا ونثرا بالعامية ، لذلك خرج أبو نبوت من عالم الإنس ليدخل عالما آخر[62] :
{فهيمة يطلع إيه يا خالة .. نبوت آه والنعمة نبوت .. اشتاتا اشتاتا اشتوت }،{شوفوا يا اخواتي الكتكوت بقي عندو بدلة ونبوت}،{أهو الهو الخفي أبو نبوت اشتاتا اشتاتا اشتوت}.
       النبوت من أسماء الخيل : يسمى به الخيل وقد سمّا به عوف بن الأحوص فرسه ، وكذلك قصير بن سعد اللخمي .
   النبوت نبتة عند أهل البوادي يطلق على الزرع : سمّت بها العرب أسماءها من النبات و هي ( حنظلة , النبوت ).
نبوت الشّعر عند البادية إذا بان الشعر على لحية الفتى .
النبوت في الرقية لعلاج الثالول مِنَ الرِّجْلِ :
  استغل المشعوذون اسم النبوت ليصيغ حوله رقية يعالجون فيها ثالول الرجل : في أحد المجالس مع بعض طلبة العلم طرح موضوع حول رقية لشفاء " الثآليل[63] " التي تظهر في الجسم ، وقد نقل الأخ الذي طرح الموضوع عن بعض الرقاة أنهم كانوا يفعلون هذه الرقية عند من عُرف متابعته للسنَّة ، ومحاربة البدع ، مع سكوته عنها ، وقد استشكل علينا بعض من ألفاظ ، وأفعال هذه الرقية ، والتي يقول الراقي فيها : " يا أيها النبوت في الجسم الذي يموت , أسألك بالذي لا يموت " فيقول عند ذلك هو والمرقي : " موت ، موت ، موت " ، ويقوم أحدهم عند ذلك بقص قشة مع الحرص على عدم وقوعها على الأرض ، ثم تؤخذ وتدفن . فنسأل فضيلتكم عن هذه الرقية ، والحكم الشرعي لها مع مخاطبة الجماد " النبوت " ، وقص القشة ، فهل هذا مشروع أم محظور ؟ . أفتونا ، فقد أشكل علينا الأمر.
نبوت الغفير:
         أصلها نبّوت الخفير وقلبت الخاء غَيْنَا [64]في كلمة الغفير، والغفير في بلادنا يجب أن يلازمه النبوت قديما ليحمي به كلَّ ما هو قائم عليه .
 نبوت الغفير اسم قصة لمحمود تيمور سنة 1958م
نبوت الغفير صار حلويات في مصر على شكل أنبوب طويل بحجم الشبر وعلية سمسم، التي تسمى بالعسلية[65] ، والخفير حارس الليل، والنبوت هو هراوته أو عصاه الغليظة .. وشبّـهوا الحلوى بهذه العصا.
 
     { أما اسم نبوت الغفير فيعود الى الشبه بين العسلية السادة التي تصنع من غير سمسم، وعصا الغفير الذي كان يطلق عليها اسم نبوت }.
نبّوت سيف  ونبّوت سلطان : تحول اسم النبوت في قطر وباقي دول الخليج إلى{ نبوت سيف}، وفي ومصر والسودان وبعض مناطق من أفريقيا .
نبوت سيف  
 وهو اسم نوع من التمور المميزة ،( نبوت سيف ونبوت سلطان) التي لا يجف تمرها لمدة طويلة .. ونرى هذا الاسم ملصقا على هذه النوعية الممتازة من التمور ..واصبح اسما متعارفا عليه في المناطق المنتجة والمناطق التي يصدر إليها..... ، ويطلق نبوت سيف ونبوت سلطان على أنوع من شجر النخيل  ..
الشاعر عبد الهادي بن كحلة[66]: يشبه الشاعر الكلام العذب الجميل الذي يجلب له السعادة والهناء بحلاوة تمور نبوت سيف الذي يعطي الجسم راحة :
ياذوق الكـلام العـذب يالسكــر النبـوت
هاتي لي السـعاده وأشعلـي لـي  هداوتهـا

     نبوت سلطان دخل في مراسيم الخطوبة أو كيــف تحافظ على شكلك أمام خطيبتك ؟: (لا تروح لها يديك فاضية[67] , خذ معك وردة . وإذا كانت البنت قروية خذ معك عذق تمر سكّري وإلاّ  نبوت سلطان لتكسب ودّها وتقدير أمّها ...)
  وقال الشاعر[68] عن تمر النبوت مفتخرا بأكله :
اخطيت واقديت يعني ما بكثر ملامما   ناكل إلاّ من الصفـري وزين النبوت
النبوت بندقية من أسلحة التراث التقليدية :
 التصق اسم النبوت بالبنادق الحربية لأن النبوت أصلا من وسائل القتال الدفاعية فاطلق اسمه على نوع من البنادق تدعى بـ (بندقية النبوت) ويسميها العامة (بندق النبّوت) ، (وهي بندقية طويلة ،صناعة إنجليزية ، لها أصبع تفتح به ، ولخزانته صندوق بارز يتسع لأربع رصاصات ، ولها قفل(أمان) يمنع الانطلاق ويحبــس الرصــاص في الصنــدوق ، وقفل يمنــع الحركة من الإنـطلاق ولها نيشان(سدادة) بارز مرقم للمسافات ، والرصاصة(العبرود) متين وقصير وهي ثقيلة المحمل ومكتوب عليها تاريخ صنعها1890 م..) وهذا النوع من البنادق يعتبر من الأسلحة الحربية القديمة في بلاد الخليج [69] ،وما زال بعض من الأهالي في قطر وباقي دول الخليج وخاصة مناطق الجنوب في المملكة العربية السعودية واليمن يمتلكون هذا النوع من السلاح ، ويعتزون به ، فورثه الآباء للأبناء ، فأضحت هذه البندقية من الأسلحة التراثية ، وتوجد في البيوت والمتاحف ..
ومن الناس ما يقول عنها صناعة إيطالية وسويسرية ؛ النبوت هو الاسم الشعبي للبندقية الإيطالية 10.4 ملم فيتيرلي فيتالي(10,4) (mm [70]vetterli vitali) .بندقية ضخمه من ذوات العيار الكبير نسبيا لبنادق المشاة يعيبها الطول والوزن الثقيل. بدْء إنتاج البندقية في كل من إيطاليا وسويسرا منذ عام 1867...البندقية ليس لها انتشار واسع في المنطقة لكن لها شعبيتها في بقية المناطق الجنوبية من المملكة العربية السعودية ـ خاصة جيزان ـ ويعود الأمر إلى كونها البندقية الرئيسية لجيوش( الأدارسة ) حكام جيزان سابقا والذين كانوا مدعومين من إيطاليا في فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى.
النبوت يعبأ بمخزن يحتوي على أربع طلقات عيار 10.4 ملم و مدى القتل فيه يبلغ ألف متر..
      وقد اعتز شعراء القبائل بهذا النوع من السلاح للصيد والمعارك وفك المنازعات ومنهم من فضلها على بندقية أم معشر  ،  واحتل  ( بندق ) النبوت مكانة عالية عند شعراء القبائل في قطر  وفي المملكة العربية السعودية وخاصة في الشعر النبطي..حيث عبر الشاعرعن ضربة النبوت القاسية إلاّ إنها لا تثنيه عن التواصل في الحبّ المحفور في داخل أعماقه :
بندقية نبوت قديمهياينبع الحب لـك ناقـي    بين النخل والبحر مثبـوت[71]
موجود في داخل اعماقـي    ماتفصله ضربت  النبـوت
ارحـام والـدم متـلاقـي     وبيوتنـا للجميـع بيـوت
راع النخل بالنخـل راقـي   وراع البحر بالبحر مبخوت
ياما شربنا مـن  الساقــي    وياما ركبنا البحر بالبوت
وقال آخر يتباهى ببندقيته النبوت التي تبعد عنه كل شرّ :
 بندقي نبوت من طالب الشر     والمعقب ما أدخله في حزامي[72]
والشاعر هنا يسخر في شعره النبطي من العصفور الذي يهبط على صفحة الماء ووقتها يقول البحر ظهر العصفور الذي لا ادري ما يأخذه بمنقاره ولكن بندقية النبوت تعاجله قبل أن يرتوي فيقع بجانب البحر فالبحر ما نقص من شربة العصفور ولا العصفور سلم من بندقية الصياد  !!!!. :
آني اضحك من العصفـور ساعة يقول البحر باح[73]
مدري وش ياخذ العصفور في راس منقاره من الماء
تقتلـه طلقة النبـوت قدام يروى من ضمــــاه
يوم وقـع بجنب البحـر شفت المصيّد راح صـاده
لانقـص في الميـاه ولا سلم من بناديـق الهـواء                   
    قال الشاعر[74] في شعره النبطي مفتخرا بشجاعته والتسلح ببندق النبوت:
يا سـلام الله لسنحان العـوادي    بـارق فـي مردف نـوّه زما
درعنا من حد همـدان الجيـادي   والسري درع علـى حـد اليما
لبسنا النبوت وسـلال إبن هادي   وآنضرّيـهـا على ثج الــدما
     وقال آخر[75] وهو يحمل بندقية النبوت لا يخاف الموت لو جاءه ستون رامٍ مسلّحون :
بندقي نبوت من طالب الشـر  والمعقب ما أدخله في حزامي
ما معك مني سوى الموت الأحمر  لو تجيني بين ستين رامي
    وهذا الشاعر[76] جعل بندقية النبوت هي التي تتحدث عن شجاعته ومهارته في القتال:
قالت (النبوت) أنا قد جيت غارة
من بلاد الروم لا شرقي شهارة
نقتل الرومي ونعلق نار في رؤوس الجباله
وهنا  الشاعر[77] يستنهض الناس للحوض والدفاع عن الين الإسلامي بالمدفع والميزر ولم ينسى بندقية النبّوت لما له فاعلية في القنص في المعارك كما سمى الميزر بالنبوت ويريد الشاعر الفعل لا الكلام في الحوض عن الإسلام :
فماذا رأيكم لو قـال عـدّوا الجيـش  للتمريـن؟
وشدوا حيلكم مـره لنركـض خصمنـا بالبـوت
فهل با توقفوا جنبـه لنصـر اسلامنـا والديـن؟
وهل با تحملوا المدفع بجنـب الميـزر النبّـوت؟
اذا كان الخبـر غيـره عليكـم لعنـة  الستيـن
فمـاذا الفائـده منكـم اذا مـا قولكـم  مثبـوت
قال شاعر  في شعره النبطي من جنوب المملكة العربية السعودية يعتز بسلاحه النبوت التي لها صولات وجولات في المعارك فهي أفضل من بندقية أم عشرة :
 سلاحنا النبوت من المحجا تزفرا       بطل الهطفا وزيد عن معشرا
قال الشاعر[78] معتزا بالنبوت الذي يحقق له أمنياته والنصر في المعارك:
قالوا إنا راس زهـوان اليماني   عندنا النبوت ما نبغى لامـــــــاني
لا دروب عندنـا ولا مكـاني بالدروب مرتبين
من رجال الريث في بندق ومونه    عارنا زهوان ما عاد يطلــعونه
   أبيات من التراث لم يعرف قائلها يتغنى فيها الشاعر ببُطولاته في المعارك وأن نبوته صناعة إيطالية :
ييجون للداعي بمحكوم الزناد         نبوت طلياني يزقر بالهبر
ملوا المقاصب من خلا حمر الشداد  إذا حمي يوم المنية واعتكر
   هذا نوع من الشعر اليماني
قال الشاعر :
 خلت برّاق على اسطنبول خاطفه    تسمع تناطيق " النبابيت " من عواصفه
هنا جمع النبوت على نببابيت وهي بنادق النبوت
   وقال آخر :
جهّز السلطان يشا برّ اليماني     بالعساكر وصحيح الشيشخاني
"النبابيت" و"الموازر" صف ثاني    يحسب انه ياخذ الشافه عياني
يذكر الشاعر بندق النبوت والموزر، ونجد عند بعض الشعراء لفظ (ميزر النبّوت).
قال الشاعر:[79] :
 يالشرف[80] هيدن وياخشرم عليك الله لا ترتاب
حدنا نشري النبوت وحد نور الشمس تو الشهري[81]
في لحا ستميةٍ ماغمرهم يرضى بهينة
كلمة الباطل تضيع وكلمة أهل الحق غالية
قال الشاعر الحضرمي (المحضار) يصف الطائر في روعته لاهو حمامه و لا دره وهي نوعين من الطيور الجميلة ، ثم يكمل و يقول ما بين سلوى و من.. و المعروف أن المن والسلوى أنزل على بني إسرائيل في عهد سيدنا موسى عليه الصلاة السلام ، السلوى طائر و المن طعام يشبه العسل وكانت نظرات هذا الطائر أسرع من طلقة النبوت:
يانا بذا طير عاشجره **** لاهو حمامه ولا دره
مابين سلوى و من
ولفت بعينين لي حمره *** أسرع من الميزر النبوت
مازلت ياطير متعلي
قال الشاعر الشعبي حسن أبو دفاش الضمدي[82] في بندق النبوت الآتي:
خولت نوه ومخاله عامش الحجر***(نبوت) سيله وعجاج الغمر كالغبر
عامش على الكروس
وقال أبو دفاش أيضا في النبوت:
والقبائل شعفن قامت تبارز***شيب والشبان واللي قحم عاجز
حزبنا (النبوت)ومونتنا مجالز
   وورد ذكر بندقي النبوت والميزر في أبيات وصف المعركة التي دارت بين القبائل والأتراك في الحفاير بجيزان للشاعر الشعبي/عبدالله السلامي حيث قال:
النبابيت و(الموازر) صف ثاني***يحسبن أنه يأخذ الشافة عياني
طاح في سود الكعاش
كان ريت الترك يوم ظلوا هرابه***والعرب متقفية فيهم ضرابه
غالي امنبوت و(اميزر) سلابه

      بندقية النبوت تراثية وجمعها الشعراء على نببابيت ..مع إنهم اختلفوا في الدولة المصنعة لبندقية النبّوت فمنهم من قال :أنها صناعة إنجليزية ، وآخرون: أنها صناعة إيطالية ، وقسم ثالث يقول : يوجد عليها كتابة بالخط العربي لذلك فهي في الصنع عثمانية وكذلك في تاريخ الصنع فمنهم من قال سنة 1890، وآخر قال سنة 1867 .. وهذا ما لاحظته في الشعر النبطي عند شعراء القبائل ...
قصص أبي نبوت  من الأدب الشعبي:
      توجد قصص لا يستطيع أحد أن يؤكد مصدرها ، إنها قصص من الأدب الشعبي ، وتكون غالبا من قصص ( التوبة ) يتداولها الناس في المجالس والحارات ، وغالبا ما تكون خيالية مبالغ في أحداثها فيقرّبها الرّاوي من الواقع ، لتشد انتباه السّامع ويتفاعل معها، وأحيانا يعمد لوضع حادثة تأبه منها النفس البشرية ، ليقنع السامع بوجوب اعتدال المنحرف الذي تدور حوله القصة ..  موضوع قصص التوبة بداياتها ونهاياتها متشابهة إن لم تكن واحدة في  كل من مصر وبلاد الشام وفلسطين وإن اختلف المحتوى من بلد لآخر ، هذه القصص كلّها  مستقاة من مصدر واحد من الأحاديث النبوية الشريفة المطوّلة ..
مثلا قصّة ( أبو نبوت ) فكرتها مأخوذة من مضمون الحديث الشريف التالي : 
 الحديث الشريف:
عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدريّ ــ رضي الله عنه ــ ،أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال :
{ كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا ، فسأل عن أعلم أهل الأرض ، فدلّ على راهب[83] . فأتاه فقال : إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل من توبة ؟ : فقال : لا ، فقتله فكمّل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض ، فدلّ على رجل عالم فقال : إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة ؟ فقال : نعم ، ومن يحول بينه وبين التوبة ؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم ، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء ، فانطلق حتى إذا نصف الطريق[84] أتاه الموت ، فاختصمت فيه ملائكة الرّحمة وملائكة العذاب . فقالت ملائكة الرّحمة : جاء تائبا . مقبلا بقلبه إلى الله تعالى ، وقالت ملائكة العذاب : إنه لم يعمل خيرا قطّ ، فأتاهم مَلَك في صورة آدمي فجعلوه بينهم ـ أي حكما ـ فقال : قيسوا بين الأرضين فإلى أيتها كان أدنى فهو له . فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد ، فقبضته ملائكة الرحمة }[85] متفق عليه .
     وفي رواية في الصحيح : { فكان إلى القرية الصالحة أقرب بشبر فجعل من أهلها } .وفي رواية في الصحيح : { فأوحى الله تعالى إلى هذه أن تباعدي ، وإلى هذه أن تقرّبي ، وقال قيسوا ما بينهما ، فوجدوه إلى هذه أقرب بشبر فغفر له }. وفي رواية : { فنأى بصدره نحوها}.
      قصّة ( أبو نبوت ) تروى في كلّ مصر و بلاد الشام وفلسطين على عدة روايات :
قصة لأبي نبوت مِنْ "مِصْرَ":
     يحكى إنه كان في قديم الزمان رجل يمارس أعمال الإجرام ولا رزق له سوى بها  ، وكان يحمل نبوتا ،ولم يكن هذا الرجل متزوجا ولم يحب الأطفال حتى يحكى إنه قتل ابن جاره الرضيع لأن بكاءه يزعجه .
   قتل كل عائلة جاره الذين حاولوا الدفاع عن رضيعهم ،وفي يوم من الأيام جاءه هذا الطفل في المنام مبتسما يدعوه إلى أن يتقي الله فيما بقى من عمره ، لعل الله يتوب عليه ويبدل سيئاته بحسنات ....
    استيقظ الرجل وذهب إلى مكان للعبادة فوجد رجلين يتعبدان الله، فحكى للأول ما كان من أمره ، ثم سأله  : هل لي من توبة ؟.
فأجابه : لا أعتقد هذا .
     احمرّ وجهه غيظا ثم رفع نبوته وهوى به على رأس الرجل الصالح فقتله في الحال .
     ثم نظر إلى الرجل الآخر وقال له بصوت من يأمره ليجاوب بنعم : هل لي من توبة ؟ . فقال له الرجل الصالح: العلم عند الله ، اسأله التوبة وسيجيبك إن شاء الله ..
فقال له : كيف سيجيبني ؟.
     فقال له الرجل ـ وهو يكاد يموت رعبا ـ : ازرع هذا النبوت ويقدّر توبتك ، اهتم بسقياه ورعايته .. فإن تقبّل الله منك التوبة ، فسينبت هذا ( النبوت ) .
     انصرف ( أبو نبوت ) وهو يكاد يجنّ من مشقة ما يستحيل فعله ، وذهب ليعيش في كهف بجوار كهف لأناس يتعبدون فيه ، فأعطاهم ماله كله ، وأخبرهم إنه يرغب في التوبة ، وإنه سيخدمهم مقابل ما يجودون به عليه من رزق ودعوة .
     وافقوا على شرطه على أن يقوم بتنظيف الكهف يوميا وإحضار الماء والطعام لهم من القرية .
       وكان ما كان ، وتمرّ الشهور والأيام ، وأبو نبوت يذهب كلّ يوم إلى القرية يحضر الطعام والماء دون النبوت الذي اشتهر به ،وأصيب بالهزال فكانت الأطفال تتقاذفه بالحجارة ، فينظر إليهم مبتسما ، وينطلق إلى حال سبيله ..
       جاء اليوم الذي لم يذهب فيه لكهف المتعبدين فعزموا على أن يذهبوا إليه ويعلموا منه لماذا خالف وعده لهم ؟!! .
      عندما دخلوا كهفه وجدوه مرميا على الأرض وقد فارق الحياة ، ولكن لم تفارق ابتسامة الرضى وجهه..
      لقد كان بجواره نبوت مغروسا في الأرض وقد نبت في أعلاه برعم أخضر...
قصة لأبي نبوت من فلسطين:
     رواية أخرى لنفس الرجل الشديد ، الشرير صاحب (النبوت ) ــ في مكان آخر ــ بينما كان سائرا في الليل ــ كعادته رغبة في السرقة وقطع الطريق ــ تحت نور القمر ، مرّ بجانب ( مقبرة ) وهي مكان لدفن الموتى ، إذ رأى من بعيد خيالا أسودا يتحرك ، فاقترب منه وهو يختبيء بين القبور ، يتحرّك بهدوء من قبر إلى قبر حتى اقترب ... وإلاّ برجل قد أخرج ميّتة لتوها ، كان يحبها في حياتها وأراد أن يتمكن منها في مماتها ، وكلّما أراد أن يقترب منها .. تحرّك يدها وتستّر على نفسها ، فازدادت غرائز العاشق ، يريد أن يرفع يدها .. لا يستطيع ، فيقطعها ، فتحرّك الميتة يدها الثانية وتستّر على نفسها  ، فيزداد شراهة أكثر.. فيبترها ، شاهد أبو نبوت هذا المنظر ، انخلع قلبه واضطرب ، كاد يقفز من صدره ، خشعت نفسه مما رأى : وقال : سبحان الله العلي العظيم ،  واقترب نحو الرجل وضربه بـ ( النبوت ) ضربة لا تعاودة الحياة أبدا ، ثم دفن الفتاة في مقرّها ، ودفن الرّجل الثاني بعيدا عنها ، وقال في نفسه يا ربّ كم قتلت من أجل السرقة والنهب ، ولكنني الليلة قتلت نفسا لوجهك الكريم ..
      صار في حيرة من أمره .. فسأل عن عالم عصره ، وذهب إليه ، وأخبره بما حدث، مع إنه قتل تسعة وتسعين نفسا ، واحدة منهن لوجه الله تعالى .... فهل له من توبة ؟ .. أجابه العالم : أنت قاتل  لا توبة لك .. فغضب ( أبو نبوت ) وهوى عليه بنبوته مرة وأتبعها ثانية فأجهز عليه وأكمل المئة ، ولكن الخشوع يراود نفسه ، ومنظر البنت دائما حاضر أمامه .. دلّه الناس على رجل صالح أعلم من ذي سبق .. ذهب إليه وأخبره  بأنه أكمل المئة بقتل العالم .. احتار هذا العالم من أمره ، وأراد أن يتخلص من شرّه ، فقال له : ارجع إلى بيتك وازرع ( النبوت ) في صحن الدار إذا أنبت وأورق فإن الله تاب عليك وغفر لك ..
      سمع ( أبو نبوت ) الخبر وأخذه بيقين ، وزرع النبوت .. صار يتوضأ على تراب حفرة النبوت ، فيروي النبوت بماء الوضوء ، ويداوم على صلاة المسجد ... مرت الأيام والأسابيع ثمّ الشهور وإلاّ ببراعم تخرج من جنبات ( النبوت ) فنمت تلك البراعم ، ثم كبرت وصارت أغصانا مورقة ، ففرح ( أبو نبوت ) بذلك وازداد إيمانه وتقواه ، حتى إنّ أهل القرية ينعتونه بسيدي أبي النبوت ، وعندما مات دفن بجانب ( النبوت ) وبنى جيرانه وأهل قريته مسجدا بجانب الشجرة وصار الناس يزورونه من حين لآخر مدعين إنّ هذا المقام لأبي نبوت ...

قصة لأبي نبوت مِنْ بلادِ الشَّامِ :
      كان هناك رجل يدعى بأبي نبوت ذهب ذات يوم إلى شيخ وقال له : إننى قتلــت تسعة وتسعين نفسا هل لي من توبه ؟؟. قال الشيخ : لا..
غضـب أبو نبوت عليه فقتلـــه ، ثم ذهـــب إلى رجـــل آخر كان يعـــرف بتقــواه وكثــرة زهده ، وحكى له ما جرى.. وقال له : إننى قتلت مائة نفس هل لى من توبه ؟؟.
وحكى له ما جرى بينه وبين الشيخ .. فقال له : انظر إلى النبوت الذي فى يدك ، خذه وازرعه في أي مكان فلو أخـرج براعما ثم أورق  فاعلم إنّ الله تاب عليك.... فأخذ أبو نبوت نبوته واحتار به .. أين يزرعه ؟؟ ..ظلّ يبحث حتى تعب، فجلس بجوار قبر من قبور المقبرة ليتكىء عليه  فرأى رجلا يحفر القبور الحديثة ويسرق أكفانهم !!.
 أثناء ما كان يقوم السارق بعمله ، وأبو نبوت يرقبه فوجــده يسرق كفن امرأة صغيرة السن حسنة الوجه جميلة القوام ، فأخذ الكفن "لفّه" ووضعه جانبا وأخذ ينظر إلى جسدها فشعر أبو نبوت إنّ السارق مال بنفسه نحوها ، فهبّ أبو نبوت نحوه ولم يمهله أن يفعل أيّ شيء فضربه بالنبوت جعلت بينه وبين الحياة حاجزا (قتله) .. فارتمى صريعا يسبح في دمائه فنهضت المرأة الميتة وتناولت الكفن ولفت به نفسها وقالت: سترك الله في الدنيا ,والآخرة كما سترت عليّ ...ثمّ عاودت رقدتها ...
 خاف أبو نبوت من هذا المشهد  فترك نبوته وفرّ هاربا فزعا مما رأى ، وذهب إلى الزاهد نفسه  وحكى له ما حدث .. وطلب منه أن يأتي معه ليأخذ نبوته.
 عندما وصلا المقبرة ونفس المكان والمرأة والسارق مستلقيان  شاهدا بجانب قبر المرأة  شجرة كبيرة كثيف الأوراق ، كأنها موجودة منذ زمن بعيد،  فأخذ أبو نبوت يبحث عن نبوته فلم يره..... فقال له الشيخ : هل شاهدت هذه الشجرة من قبل ، قال أبو نبوت: لم أشاهدها، ولم يكن هنا شجرة، وهذه جثة السارق وهذه الفتاة  التي نهضت وتكلمت .. !!!! ..
     فقال له الشيخ : هذه الشجرة هي النبوت ، فاذهب يا رجل واشكر الله تعالى بالطاعة وحسن العبادة ، فإن الله تعالى رضي عنك  وغفر لك ...
قصة : "انْضَرَب أبو النّبّوت بالمِذْرَاة والشّلوت"
    ما زال يتباهى بقوته البدنية وجسمه المِجْشَب[86] وطول قامته وخنجره المثبت على حزام يشدّ به خاصرته ، ونبوته الطويل ، لسنين عدّة ، وذاع صيته في القرى المجاورة خاصة بعد أن بالغوا في الحديث عن شجاعته وقوّته وصارت سيرته تروى على كل لسان ، حيث إنه تصارع مع الضَبْع[87] المُرْعب الذي يصول ويجول عند الحقول وبين البيوت دون رادع فصرعه ، جثم على صدره  دون أن يستعمل أيّ سلاح من أسلحته وبقبضتيه القويتين ظلّ  ممسكا بخُنّاقه[88] حتى فارق الحياة  ، ضرب الحصان ضربة واحدة  بقبضة يده فأرداه قتيلا ، كان يضع حبّات القمح الجافة بين كفيه فتصبح دقيقا ، انخلع الخوف من قلبه حيث دقّ وتدا في المقبرة[89] في منتصف ليل غير مقمر .. لذلك لم يعد أحد يجرؤ من القرية أو القرى المجاورة على الوقوف أمامه أو اعتراضه ، وصار أهل القرية يتقربون منه محبّة في شجاعته وخوفا من رهبته ، لكن القوة والشهرة أعمت عيْنَيّ أبي نبوت عن رؤية محبيه من ذويه ومن الناس ، جمّع حواليه عصابة من الشباب الذين يحاولون تقمّص شخصيته ،فألبسهم لباسه وحمّل كل واحد منهم خنجرا ونبوتا وصار يتزعمهم في الشرّ والإجرام ، وبهم زادت شوكته فصار السيّد المطاع المرهوب الجانب يبطش ويقتل .. وأول ما عضّ بأنيابه الزرقاء إلاّ أهل قريته،  ذويه وجيرانه ، صار يأخذ من حصيلة زروعهم ما يشاء (خاوة [90]) عنوة ، وكل من يتضجر يلاقي أسوأ مصير من ضرب أو تكسير ،وكانت عبارته المشهورة:( يا شباب ... عليه بالنبوت ، كسّروه حطموه .. وصِّلوه للموت ) يقولها بصوته الخشن ، فصاريصول ويجول في القرية كيفما يشاء والكل ساكت خانع تفاديا لشره ، وابتعادا عن عنفه وأذاه.. ومثلهم القائل : ( البعد عن الشرّ غنيمة ) ..
 أغدق أبو نبوت على جماعته فأخلصوا له ..وتفانوا في خدمته..
أبو نبوت لم يكتف بقريته ، أراد أن يلحق صيته أينما حلّ ، حيث فشا الصيت وانتشر في القرى المجاورة وليشبع نهمه الذي لا يشبع ، بعث رجاله إلى القرية المجاورة ليأخذوا من محاصيلهم كل عام ( خاوة) كما فعل في قريته  ، رجاله البواسل يدورون على كل بيت ، فيدفع الفلاّحون لهم من أقواتهم  رهبة من سطوتهم وخوفا من أبي نبوت على عيالهم ... كان في هذه القرية رجل غني عنده أموال وأراض وعقارات يدعى (الشيخ محمد ) عُرِفَ عنه الكرم والشهامة والنخوة وعلوّ الهمّة ، فكان يلتفّ حوله بعضا من أهل القرية خدمة له أو أجيرا في أرضه .. رفض الشيخ محمد أن يدفع أي شيء لأبي نبوت..
      نقل جماعة أبي نبوت الخبر ، فغضب زعيمهم غضبا لا يساويه غضب، ثار ورأغى وأزبد ، وصار يشتم ويلعن الشيخ الذي كَسَر هيبته ورفض أمره ، وهدد بهدم منزله ، فزاد من رجاله وصار يهدد ويتوعد .. وصل الخبر إلى (الشيخ محمد) فدخل بيته وهو في ضيق شديد ، رأته ابنته وهو على تلك الحالة .. فقالت له : هوّن عليك يا أبتي إن الأمر هيّن لايستحق هذا الغضب ( تريد أن تخفف عن والدها، لأنها تعرف مقدار الأسى والحزن الذي لحق أبيها من هوان وذلّ وخوف من جرّاء الشتم والتحقير والتهديد)..) ..
فقال لها : إن أبا نبوت شتمني وحقّرني وهدد وتوعد !!..
كانت البنت صاحبة رأي ومشورة ، والدها يستشيرها في كثيرمن أمره .. وحتى أهل القرية يعرفون عنها رجاحة عقلها ووقارها وعفّتها وطيب سيرتها..
 قالت :ادعو القرية جميعا إلى وليمة يا أبت .. ولا تسألني عن السبب !!.
      بعث الشيخ محمد خدمه إلى أهل القرية وصاروا يدورون في شوارعها وأزقتها وينادون بأعلى أصواتهم : يأهل القرية أنتم اليوم مدعوون إلى وليمة الشيخ محمد ... وأهل القرية يحبون دعوته لكرمه وحسن ضيافته .. فذبح الذبائح وجهز القدور وأعدّ الخدم الحطب وأشعلوا النيران..
      أخذت وفود القرية تتوالى إلى باحة البيت الواسع المفروشة والمعدة لاستقبالهم ، اكتمل الناس وأخذ كلّ واحد مكانه ينتظرون قدوم الأكل .. وإلاّ بابنة الشيخ صاحب الكرم  تدخل عليهم واضعة على رأسها خُِوانا[91] كبيرا مكتنزا باللحم والثريد ، ممسكة به بيديها الاثنتين .. وعندما توسطت الجمع  أنزلت يدها اليمنى وأمسكت بطرف ثوبها وكشفت عن ساقها .. فصاح الحضور : ( اسدلي الثوب يابنة الشيخ ..هذا عيب وعار) ؟!! ..
أجابت البنت : (البنت لاتخجل من البنات.. ولو كان في هذه القرية رجال.. لما شُتِم شيخكم ابن قريتكم ، وصار حالكم هذا الحال !!!.. والشيخ الذي حوله رجال شجعان لايُذَلّ ولا يُهان)!!!..
 دبّت الحمية في نفوس الناس... وقالوا : (إننا رجال أبناء رجال ، وشرف الشيخ شرفنا يابنة شيخ قريتنا !!..) وحق أبيك في رقابنا قالها (سلمان) وهو معروف بشهامته ورجولته ....
 أسدلت البنت ثوبها ووضعت الخُِوان أمام سلمان.. ثم أمرت الخدم بتقديم الزاد لكلّ الضيوف  ..
       تقدم أبو نبوت و زمرته والشرر يتطاير من عينيه متوجها صوب بيت الشيخ محمد ، وقال بصوته الأجش[92] : ( يا شباب .. على الشيخ بالنبوت .. كسّروه حطموه .. أوصلوه لدرجة ما بعد الموت[93] واهدموا على رأسه وأسرته البيت)، فتقدموا كالأسود  يزأرون ، فتلقاهم أهل القرية عن بكرة أبيهم وهجموا عليهم هجمة رجل واحد ، وكلّ واحد منهم ممسكا بفأس أو نبوت أو مذراة[94] أو خنجر . وأبو نبوت يتقدم بخطى ثابتة نحو الشيخ محمد كالجمل الهائج يرغي ويزبّد ، وينفث الشرّ من كل جانب يريد الإجهاز عليه ، والشرر يتطاير من عينيه ، وإلاّ بسلمان ـ لا يعرف كيف جاءته هذه القوة ؟!! ـ اعترض طريقه وفي لمح البصر انتزع منه النبوت ورماه بعيدا ولم يشعر الرّجل إلاّ وهو يسقط على الأرض وقد طارت حطّته وعقاله وجثم الشاب على صدره يضربه بقوة على وجهه ورأسه ويقول : حقّ الشيخ في رقبتي .. والرجل يصيح به مهددا إياه بالقتل لكنه لم يتمكن من إفلات نفسه رغم قوته البدنية وضخامة جسمه ، لما رأت العِصابة ما حلّ بسيّدهم وزعيمهم ولوا الأدبار ولاذوا بالفرار ، تاركين أبا نبوت وحيدا يلاقي مصيره تحت وطئ الأقدام  ، والرّكل بالأرجل والضّرب بالمذراة والنّبوت وأهل القرية يدورون حوله وهو يتقلّب ويتوجّع ، فقسم منهم يغني ويقول : (انضرب أبو النّبوت .... بـالمذْراة و (الشّلوت[95]) والآخرون يردّون : سجّل .. سجّل .. يا زمن ... ثم ربطوه وأركبوه حمارا ليوصله إلى قريته ، والذي زاد الطَين بلّة خروج الناس من البيوت عندما استطار[96] خبر أبي نبوت بينهم ليروا بعيونهم كيف تبهدل وتمرّغ أنفه بالتراب!!!.. فاستقبلته النسوة بالزغاريد ، والبِشر يعلو الوجوه وأهل قريته يقولون : وانضَرَبَ أبو النبّوت بالْمِذْرَاة والشّلّوت  .. سارت معه الزفّة حتى أوصله الحمار إلى بيته وهو مطأطئ الرأس خائب ، فاستقبلته زوجته الوفيّة بحزن شديد لأنها كانت تصول وتجول بسيف زوجها في القرية ،، ومن بعدها لم تقم لأبي نبوت ولزوجته أيّ قائمة ..
 أما الشيخ محمد فقد التفّ حوله الشباب فأكرمهم وجنّدهم للحفاظ على قريته ، وصار يعتمد عليهم في تصريف أعماله ، وجعل سلمان قائدا لهم وآمرهم .. وبسط الأمن والأمان ، وحافظ على مصالحهم وممتلكاتهم .. فازداد نفوذه إلى قرية أبي نبوت وما بعدها .. حتى أصبح يحكم منطقة الجبل بأكمله ..

(نَزْرَعُ وَنَدْرُسُ لِبُطْرُس).
   ... بَعْدَمَا سَقَطَ النَّبُّوتُ مِنْ يَدِ أبي نَبُوتٍ ( الَّذِي ضُرِبَ بالمِذْرَاة والشَّلُّّوت ) ، سَرَعَانَ مَا تَلَقَفَهُ الشَّيْخُ محمَّدٌ ، حِينَمَا التَفَّ حَوْلَهُ أهْلُ قَرْيَتِهِ ، فَصَارَ يمشِي مُتَبَاهِيَا بِنَبُّوتِ الزَّعَامَةِ وَصَوْلجانِ الفَخَارِ، وبِعَبَاءَتِهِ السَّوْداءَ وَعَمَامَتِهِ البَيْضَاءَ التي يَتَوَسَطُهَا طربوشٌ أحْمَرُ وَهْوَ يَتَفَقَّدُ عَسَاكِرَهُ وَحَرَّاسَهُ  ، الَّذيْنَ سَلَّحَهُمْ بالبَنَادِق العُثْمَانيَّة الصُّنع لا النَّبَبابِيت الخشبيَّة ، و سَلْمَانُ ـ  الذي ضَرَبَ أبا نَبُّوت ـ قَائدُهُمْ ،كُلُّ صَبَاحٍ يَتَفَقَّدُهُمْ ، وَيُشْرِفُ عَلَى تَدْرِيبِهِمْ  ، الشَّيْخ وَفَّرَ الأَمْنَ والآمان لقريتهِ والقرى المجاورة ، فصار يُعَاقِبُ الْمُجْرِمَ ، ويُحِلُّ المنازعات ، وصارتْ القُرَى الْجَبَلِّيَةُ الأخرى تَخْضَعُ له قَرْيَةً تلْوَ الأُخْرَى ، فاتسع نفوذُهُ حتى صار يُوْصَفُ بـِ (شَيْخ الْجَبَل) ، بَني وعَمَّر، عَمَلَ الأَسْوَاقَ وَشَقَّ الطُّرُقَ ، وَحَفَرَ الآبَارَ وَبَنَى الجُسُورَ ، وَصَارَ يُولِّي عَلَى كُلِّ قَرْيَة عُمْدَةً مِنْ أَهْلِهَا ، أَمَّا الْخَفَر وَشَيْخ الْخَفَر هُم مِنْ رِجَالِهَا ، ، لِيُحَافِظُوا عََلى الممْتَلَكَاتِ وَلِيَسْهَرُوا عَلَى المصَالح ،  وَصَارَ يَأْخُذُ مِنْ الفَلاَّحِينَ نِسْبَةً ضَئِيلَةً مِنْ مَحَاصِيلِهِم السّنَوية مِنْ بُرٍّ وَشَعِيرٍ يوزعها على الخفر والْحُرَّاس ، فَيَدْفَعُ الْفَلاَّحُون لَهُ ذَلِكَ عَنْ طِيبِ خَاطِرٍ وَهُمْ رَاضُونَ ، وَبِمَا يَقُومُ بِهِ هُمْ مُقْتَنِعُونَ  ...
    كَانَتْ بجانبِهِ دًوْلَةٌ  جَارَةٌ تُدْعَى "الدَّوْلَة السُّلْطَانِية" ترْقُبُ بِمَا يَحْدُثُ فِي الْجَبَلِ عَنْ كَثَبٍ ، وَمَا يَقُومُ بِهِ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ ، فَلَمْ يُعْجِبْهَا الْحَالُ ، وَلَمْ يَرُقْ لَهَا مِنْ هَذِهِ الْفِعَالِ الْبَالُ ؛ يُخَيَّلُ لَهُمْ إنّ الشَّيْخَ محمداً يُرِيدُ أنْ يُؤَسِسَ "الدَّوْلَةَ الْجَبَلِيَّةَ".. فَجَهَّزَتْ "الدَّولة السُّلْطَانِية" حَمْلتَهَا العَسْكَريَّةَ بِقِيادَةِ (آغَا الجيْشِ) ، وَتَقَدَّمَتْ صَوْبَ الجبَلِ مُبَاشَرَةً تًارِكَةً مَنْطِقَةَ السَّاحِلَ، فَتَصَدَّى لها الشَّيْخُ محمَّدٌ بِرِجَالِهِ وَفَلاّحي القُرَى ، وَهَزَمَ جَيْشَ الآغا شرّ هزيمة ..
     "زَغْرِدِي يَا زْلِيخَة وَغَنِّي يَا هْلالَة ، الْفِرْحَة تَمَّتْ والنَّصْر جَانَا[97]" ما أحْلَى النَّصْر ، قالها سَعْدٌ وَيُوسُفُ وُجَبْرٌ ، وَرَدَّدَهَا سَالِمٌ وَخَالِدٌ وَعَمْرُو ...
     فازدادتْ "السُّلطانيةُ" حُنقاً وغيظاً ، وَلامَ السُّلْطَانُ (آغَا الْجَيْشِ) عَلَى سُوءِِ تصرُّفِهِ ،وقُبْحِ فِعَالِهِ ، بِقُدُومِهِ مِنْ جِهَةِ الْجَبَلِ واعْتَبَرَ هَذَا مِنْ سُوءِ التَّدْبيرِ وَعَدَمِ الحِنْكَةِ ، كما أَمَرَهُ أَلاَّ يأخْذُ الْبِلادَ والعِبَادَ بِسُخُونَةِ صَدْرِهِ[98] بَلْ بِأَهْلِهَا [99] .. قَامَتْ "الدُّوْلَةُ السُّلْطَانِيَّةُ" بـِ "الحَمْلَةِ الثَّانِيَةِ" بَقِيادَةِ "آغَا الجيْشِ" نَفْسِهِ ولكنَّ هذه المرّة سَلَكَتْ الطَّريقَ السَّاحِليَّ ، حَيْثُ المدِنِ وَالقُرَى الهَادِئةِ الجَاثمَةِ عَلَى الثُّغُورِ[100] ، مَدْعُومَة بإسْطُولِها البَحْريِّ وبالخيَّالةِ والْمُشَاةِ ، وأثناءَ سَيْرِهَا اسْتَمَالَ القَائِدُ السُّكَانَ[101] فَسَاعَدُوه وَنَصَرُوه ، فَعَقَرَ جيْشَ الشيخِ مِنْ مَأْمَنِهِ ، لأنَّهُ يَعْرِفُ إنَّ مُدنَ وقرى السَّاحِلِ طَريقُهَا طَويلٌ ، وَتُقَاوِمُ الغُزَاةَ ، وَتَصُدُّ المعْتَدينَ .. فأخْضَعَ "آغا الجيش" في هَذِهِ الحمْلَةِ السَّاحِلَ بأكْمَلِهِ ودخلَ الجبَلَ مُنْتَصِرَاً وَهَزَمَ عَسَاكِرَ (شَيْخِ الجبَلِ) هَزِيمَةً مُرَّةً  ... وأَصْدَرَ "الآغا" وقْتَئِذٍ مَرْسُومَاً بإلْقَاءِ القَبْضِ على شيخِ الجبلِ وأعوانِهِ من أهلِهِ وذويِهِ وإعدامهم في السَّاحَةِ العامَةِ للقرْيَهِ ليكونوا عبرةً لمنْ لا يعْتَبِر ..
    "ابْكِ ياَ هْلالةُ وانْدُبِي يا زْلِيخَةُ ، مَا أَبْشَع الذُلِّ... وقَهْر الهزيمَةِ !!!" ما أمَرّ الهزيمة !!!، قالتها ليلى وسارة وسليمة ، ورددتها خديجة وسلمى وفطيمة .. 
     للشيخِ محمدٍ من أمه وأبيه أخوان ، سانداه في ردعِ العدوانِ ، لكنّهما ـ ولسوء حظيهما ـ وقعا في قبضة جيش السلطانِ ، فأُعْدِما شنقا في ساحة الميدانِ ، فانخلع من رهبة الموت الجنانُ ، منظرٌ مهيبٌ رهيبٌ ، طارتْ منه عقولُ الْوِلْدَانِ ، خارتْ أمامه أفئدةُ الشُّجَعانِ ، وبعد يومٍ من الموتِ أخذتْ تدورُ حولَ جثمانيهما الكلابُ والذئابُ والغربانُ ، فالبَطْنُ مَبْقُورٌ والأمْعَاءُ أشْلاءُ ، والرَّأسُ مَبْتُورٌ والأطْرافُ فيها أذيّةٌ، صورةٌ فظيعةٌ لم يتحملْهَا عقلُ البشريَّةِ ، ولكنَّ آغا الجيشِ لا يُرْوي ظَمَأَهُ إلاّ من دمِ الشيخِ الذي هزمَهُ ، فَصَارَ يَتَتَبَّعُ أَثَرَهُ، ويَبْحَثُ عَنْه فِي كُلِّ حيٍّ وَ( زُقَّة ) ،  فَضَاقَ عَلَى الشَّيْخِ الخِنِاقُ، فاخْتْبْأ وَخَادِمه في مَغَارَةٍ ، ولَكِنَّهُ خَافَ إنْ مَكَثَ طَوِيلاً في مَكْمَنِهِ فقَدْ يُكْشَفُ أَمْرُهُ ، ويَلْحَق به ما حدث لأخويه ، فخفف الشيخ محمد من عَارِضَيْهِ[102] ، وحَلَقَ شَارِبَهُ وشوَّهً وجْنَتَيْهِ ، ولوَّحَ للشَّمْسِ وَجْهَهُ حتّى اسمرَّتْ بَشْرَتُهُ  ، وَتَنَكّر بملابسِ الفلاحينَ ، وَرَمَى العَبَاءَةَ والعَمَامَةَ والصَّوْلجانَ ، وخَرَجَ فارّا هُو وخَادِمُهُ بِأَمَانٍ ، مُتَّجِهَاً صَوْبَ الصَّحْرَاءِ ، لِيَعِيشَ بَقِيَّةَ حّيَاتِهِ بَيْنَ العُرْبَانِ ، يَرْعَى الإبِلَ وَالقُطْعَانَ .....
     وَطَّدَ "آغَا الجيْشِ" دعائمَ الحُكْمِ عَلَى السَّاحِلِ والجبْلِ ، بما عَمِلَ مِنْ مُنَاوَرَاتٍ وَحِيَلٍ ، فاسْتَقَامَتْ لَهُ الأمُورُ ، وَعَاشَ فِيهِمَا بهنَاءةٍ وَسُرُورٍ ، وَخَفَّ الطَّلَبُ عَنِ الشَّيْخِ الَّذِي دَمُهُ مِنَ السُّلْطَانِ مَهْدُورٌ   ..وبمرُورِ الأيَّامِ والشُّهُورِ ، ازْدَادَتْ عَلَى "الآغا" نَفَقَاتُ الجنْدِ ، فأرَادَ أنْ يَغْزُو القَبَائلَ البَدَويَّةَ المتَواجِدَةَ فِي الصَّحْرَاء ، لِيسَْلبَ مِنْهُم أغْنَامَهُمْ ومُطِيَّهُمْ .. فَجَهَّزَ جَيْشَهُ وَقَادَ بِنَفْسِهِ حَمْلَتَهُ ، نَزَلَ الْجَبَلَ وَدَخَلَ الصَّحْرَاءَ ..فَقَابَلتْهُ أولُ قبيلةٍ ، وهي بِعَدَدِ رِجَالِها ليْستَْ بِقَلِيْلَةٍ ، حَيْثُ كَانَتْ مَضَاربُهَا مِنَ الدَّرْبِ الَّذي سَلَكَهُ جُنْدُ "الآغا" قريبةً ، وكانت هي للشَّيْخِ محمَّدٍ مُجِيَرةً ، وَخَيْمَتُهُ مشرَّعَةٌ  هُناَكَ عِنْدَ المسَاكِنِ البَدَويَّةِ..
    اقْتَرَبَ "الآغا" وجيشُهُ مِنَ  الحِمَى مِنَ الدِِّيَارِ ، وَكَانَ الوَقْتُ أوَّلَ النَّهارِ ، وَعَلَى مُرْتَفَعٍ مِنَ الأرْضِ نَصَبَ القَائدُ خَيْمَتَهُ ، والشَّيْخُ محمَّدٌ وَخَادِمُهُ كَانَا مِنْ بَعِيدٍ  يَرْقُبَانِ الميْدَانَ ..أخَذَ "آغَا الجيْشِ" يُدِيرُ مَعْرَكَتَهُ ، فَكَانَتْ رَحَى المعْرَكَةِ حَامِيَةً ، وَعَلَى جَيْشِهِ قَاسِيَةً ، فاشْتَدَّ عَلَيْهُم مِنَ الصَّحْرَاء وقت الهجير لهيبٌ ، واستمرتْ الْمُطَاحنَةُ من الصُّبْحِ حتى المغيب ، فقاتَلَ مِنَ القَبِيْلَةِ شَبَابٌ وَشِيْبٌ  قتالَ الأسُودِ ، آثروا الصُّمُودَ ، ذَوْدَا عَنِ الحِيَاضِ ، دِفَاعَا عَنِ الإِبْلِ والجِْيَادِ ، وَخَوْفَا عَلَى شَرفِهِمْ مِنَ الْجُنُودِ ، والموْتُ عِنْدَهُم فِي مِثْلِ هَذَا محْمُودٌ.. فَهُزِمَ "الآغا" شَرّ هَزيمةٍ ، وكبّدتْهُ القبيلةُ خسائرَ جسيمةً ، سَلَبَتْ مِنْهُ البَنَادِقَ والْخُيُولَ غَنِيمَةً .. أما "آغا الجيش" وما تبقى مَعَهُ مِنْ جُنْدٍ بَعْدَ الغُرُوبِ تقهْقَرَ ، وخيمتْ وَحْشَةُ الظّلْمَةِ وَكَانَ الليْلُ غيرَ مُقْمِرٍ،  .. فظلَّ سَائرا طِيلَةَ الليْلِ ، لِيُحَافِظَ عَلى الْجُنْدِ والخَيْلِ..
     أمَّا الشَّيْخُ محمَّدٌ تَوَجَّهَ إلَى خَيْمَةِ "الآغَا" المهْزُومِ { أثْنَاءَ مَا كَانَتْ القَبِيلَةُ تُسْعِفُ المكْلُومَ ، وتحْصِي القَتْلَى ، وتجْمَعُ ما خَلَّفَهُ الجْنُودُ ؛ مِنْ خُيُولٍ و(بَارُودٍ[103] )}،  فَوَجَدَ فِي الْخَيْمَةِ بُنْدٌقِيَّةً وَدَلَّةً وَفَنَاجِينَ وَصِينِيَّةً كُلَّهَا ذَهَبِيَةً ، وما تبقَّى  مِنْ سُكَّرٍ وَقَهْوَةٍ ، فأخذها ولحق مُسْرِعَاً ليلحقَ بالجيشِ المهزومِ ..
     وعِنْدَمَا اشْتَدَّ عَلَى الجيْشِ وَ"الآغَا" النَّصَبُ[104] ، أمرَهُمْ القَائِدُ بالتَّوقُّفِ بعدَ طُولِ المسِيرِ ، وما تبقّى مِنْ نهايةٍ الليلِ إلاَّ اليسير ، نَصَبَ الجنْدُ  له خيمةً كيْ يسْتَرِيحَ ،ثم جلسَ القائدُ فيها وحولَهُ من الجنْدِ المقَرَّبِينَ ، ومع الفَجْرِ أدْرَكَ الشَّيْخُ محمدٌ الجنودَ المنهكينَ ، فتسللَ متنكرَاً هو وخادمُهُ  وجلسَ بينَ الجندِ وقَرِيْبَاً مِنَ الأمِيرِ ، فطابَتْ الراحةُ للقائِدِ بعْدَ هذا الجَهْدِ المريرِ، فتنهَّدَ ، وقالَ : آهٍ .. آهٍ ..على فِنْجَانِ قَهْوَةٍ !!.. قالها بِشَوْقٍ وَلهْفَةٍ .. فقالَ الشيخُ محمدٌ : أذهبْ واحضرْ لقائدِنَا مَا تمنَّى ، مُوَجِّهَاً كَلامَهُ لخَادمِهِ .. عندما سمع "الآغا" هذا الكلامَ ، ردتْ له نفسُهُ التي غابَتْ عنه إثْرَ المجالَدَةِ وَطُولِ الْمَسيرِ  ، وانْفَرَجَتْ مِنْهُ الأَسَاريرُ .... دخلَ الخادِمُ بالقهوةِ والدلَّةِ والفناجينِ والصينيةِ  .... وتقدَّم نحْوَ "الأمِيرِ" ـ وَهْوَ مُنْهَمِكٌ فِي الهزيمةِ مَعِ الشَّرْحِ وَالتَّبْريرِ ـ وقدَّمَ إليهِ الفنجانَ  ..شَاهَدَ "آغا الجيشِ" الفنجانَ ، فرفعَ بصرَهُ صَوْبَ الخادمِ ، فرأى الصينيَّةَ والفناجينَ والدَّلَّةَ الذَّهبيَّةَ الآغاويةَ ، فَعَرَفَهَا ..  فقال للخادم : فِنْجَان "الآغا".. قدِّمْهُ لِصَاحِبِ النَّدَى الذي جَلَبَ عِدَّةَ القَهْوَةِ ‘ فهْوَ مِنَ القائِدِ أوْلى ، وأصَرَّ القَائِدُ وأبَى .... فَشَرِبَ "آغا الجيشِ" الفنجانَ الثَّاني ، وشَرِبَ الشَّيْخُ محمدٌ فنجانَ القائِدِ ..وبعد الانْتِهاءِ مِنْ شُرْبِ القَهْوَةِ ،قال الشيخ : أريد ـ سيدي ـ أنْ أُقَدِّمَ لَكَ بَعْدَ القَهْوةِ هَدِيَّةً .. وأمَرَ الخَادِمَ أنْ يحْضِرَ البُنْدُقِيَّةَ الذَّهَبِيَّةَ .. ففرح بها "الآغا" لأنها كانت مع عدّة القهوة "شعارا للآغاويَّة ورمزا للسُّلْطانيَّة" ..وعندها طلب "آغا الجيش" من الشيخ أن يعرفه على نَفْسِهِ .. فقال الشَّيْخُ: أتَعْطِيني ـ يا سيدي ـ الأمَانَ ، حَتَّى أَقُولُ لَكَ مَنْ أَنَا ؟؟..فَزَادَ هَذَا الكَلامُ الفُضُولَ..فَقَالَ لَهُ : مَنَحْتُكَ الأمَانَ ، وَأنْتَ لِي الآنَ مِنَ الأصْحَابِ والخلاّن  .. فَقَالَ لَهُ : أنَا الشَّيْخُ محمَّدٌ الَّذِي أهْدَرْتَ دَمَهُ ، وَحَكَمْتَ عَلَيْهِ بِالإعْدَامِ ،...
    قال "آغا الجيش" : عَفَوْتُ عَنْكَ يَا "شَيْخَ الجبَلِ" وَسَأرْجِعُكَ إلى أهْلِكَ لِتَعِيشَ بَيْنَهُمْ وَمَعَهُمْ بِسَلامٍ وَوِئَامٍ ...
    بالفِعْلِ رَجَعَ الشَّيْخُ بِصُحْبَةِ "الآغا"  ، الَّذِي أَرْجَعَ لَهُ الحكْمَ والسَّطْوَةَ كَمَا كَانَ ، لَكِنْ هذه المرَّة أصْبَحَ مُوُالِيَاً  لـ "الآغا" وللسُّلْطانِ.. صَارَ الشَّيْخُ مُنَفِّذَاً لِلأوَامِرِ ، على حِسَابِ أهْلِهِ وَكُلِّ القُرَى الجبَلِيَّةِ ،.. فزادَ الضَّرَائبَ ..الضَّريْبَةُ صَارَتْ ضَريْبَتَين الأولى للدَّولةِ السُّلْطانيِّةِ ، والثَّانِيَةُ لَهُ وَلمنْ تجنَّدَ عِنْدَهُ فِي العَسْكَريَّة ،  فَثَقُلَ الأمْرُ عَلَى النَّاسِ ( والأتَاوَاتُ كَسَّرَتْ ظُهُورَ الفَلاَّحِينَ ،وخَيَّمَ عَلَيْهِم شَبَحُ الْجُوعِ اللَّعينُ ) ...تَحَوَّلَ الشَّيْخُ ـ بِضَغْطٍ مِنْ آغَا الجيْشِ أوْ لِيُرْضِي السُّلْطَانَ ـ إلى نبُّوتٍ يحطّمُ الرؤوسَ ويكسّر العظامَ ، فألهبَ السَّوْطَ والنَّبُّوتَ فِي سَاكني القُرى الجبَليَّةِ  حتَّى صَاروا كلُّهُمْ عِنْدَهُ مِنَ الذُلِّ مَطِيَّةً .. 
       الفَلاَّحُونَ ـ مِنْ شَبَابٍ وَكُهًولٍ ـ فِي الليَالِي الشَّتْوِيَّةِ وَهُمْ يَتَسَامَرُونَ فِي المجَالِسِ والحَاراتِ القَرَويَّةِ.... فَقَالَ أحَدَهُمْ : لا نعرفُ .. هَلْ هَذَا يُعَدُّ مِنَ الوفاءِ ؟!!.. أمْ الخوفُ عَلَى النَّفْسِ ضَيَّعَ الْحَمِيَّةَ ، وصَارَتْ الرُّوحُ دنيَّةً ، أو الحفاظ على الكرْسِيِّ صَارَ عَلَى الشَّعْبِ بَلِيَّةٌ ، يحْجِبُ الأنْظَارَ عَنْ قَهْرِ الشَّبَابِ ، وَذُلِّ الانْكِسَارِ ، وَجُوعِ الثَّكَالَى ، وَآهَاتِ الصِّغَارِ ، وآلامِ الفقرِ وأنَّاتِ أمراضٍ عصيّةٍ ،يَرْحَمُ أيَّامَ أبِي نَبُّوتٍ ، يَا لَيْتَ مَا ضَرَبْنَاهُ بالمِذْرَاةِ والشَّلُّوت !!!. فردَّ عليه آخرُ: أولتثبيت الحكْمِ في المنْطقةِ الجبَليَّةِ ، فالسُّلْطَانِيَّةُ صَارَتْ عَلَيهِ وَصِيَّةً ؟!!!.. ، أو لِيَلْحَقَ بالرَّكْبِ مِثْلَ غَيْرِهِ فِي زَمَنِ التَّبَعِيَّةِ ؟!!!..أمْ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ وَصَارَتْ مِنَ التَّارِيخِ مَنْسِيّة !!!...صار حالنُا أعجبَ مِنَ العِجَابِ !!! عيْشُنَا عيش كِلابٍ ، صِرْنَا خيالاتٍ كالسَّرابِ .. وقال ثَالِثٌ : أم جعلتْهُ الأحْدَاثُ الجِسَامُ ضَحِيَّةً !!!!، أمْ شَبَحُ الموْتِ الَّذِي طَارَدَهُ فِي المغَارَةِ أوْ فِي الأَرْضِ البَدَوِيَّةِ  !!! .. هلْ بفعالِهِ خَانَ أهْلَهُ ، خَانَ أخَوَيِّهِ وَكُلِّ المنْطِقَةِ الجبَلِيَّةِ ؟!!!. نشقى ونتعب ، و(نزرع وندرس لبطرس)، يرحم أيام أبي نبوت ..
     فكان من ضمن الجالسين رجلٌ كهلٌ عجوزٌ فقال : قولكم "يرحم أيام أبي نبوت" ذكرني "بِسَارِقِ الأكْفَانِ" .. فكان عندما يموت إنسان ـ من ذكر أو أنثى ـ ينبش قبرَهُ ، ويَسْرِقُ كَفَنَهُ ، وبحفنات من التراب يغطي بدنه ، ويتركه ويمشي .. فعندما يزورُ الأهلُ القبورَ ، يلاحظون إنّ القبْرَ مَنْبوشٌ محْفُورٌ ، وكفن الميّتِ مسروقٌ ، فيلعنون ويشتمون السارق ، ويوكلون أمره للخالق ، فعندما كَبِرَ وانقضت أيامه الشقيِّة ودنت منه المنية ، قال لابنه : يا ولدي أنا فعلت الكثير من الدنية ، وذنوبي وفعالي عصيّة ، وآثامي عند الناس غير مَنْسِيَّةٍ ، لأن سرقة الأكفان مهنة غير مَرْضيَّةٍ ، والعاقبة وخيمة عند رب البرية .. فيا ولدي اعمل أي شيء لتجعل أهل قريتي يترحمون عليّ على أبيك ، لعل رحمة واحدة تقبل عند ربَّي ، فتنفعني في آخرتي ، وتشفع لي في قبري ، وهذه مني لك وصيّة ، قالها ثمّ لفظ أنفاسه ومات ..
    حفظ الولد الوصية ، وأول عمل قام به اشترى "خوازيق[105]" حديدية .. وصار الفتى كلما مات إنْسٌ يذهب إلى قبره وينبش عنه التراب ويسرق الكفن ويضع للميت خازوق ـ وأنتم تعرفون أين يوضع الخازوق ـ ويترك الجثة بالعراء ويمشي ، فيأتي أهل الميت للزيارة فيشاهدوا....... ..!!!!. فيقولون : يرحم الله سارق الأكفان القديم ، إنه أفضل من ابنه اللئيم ... وهذا هو حالنا "يرحم الله أبا نبوت ، أيامه أفضل ..  
    وعجائز القرى وهنّ يخبزن حول الطابون يتندرن بالأمثال ، فواحدة منهنَّ تقول : ( حالنا حالك يا زبيبة[106] .....) ، والثانية ترد عليها :(نحن مثل الحيطة الواطية ينطوا عليها الكلاب[107]) ،وأخرى تقول : (والذي يهرب من الدلف ينزل عليه مزراب[108] ) !!! ، أفضل لنا لو متنا وأسْدَلْنا على ما تبقى منا التراب ، خير من عيشة كلها فقر وكدّ وعقاب !!!. عيشنا في عهد كله قتل وجوع وفقر وتشريد وعري في الأجساد !!!  الله يرحمك يا أبا نبوت  أيامك خير ونعمة ، إذا قسناها بأيامنا ، هذه أيام النقمة !!!...
      أما الشيخ محمد ثبّت حكمه بكامل البعبودية للسلطانية ، وبدعم أكيد من الآغاوية  ، حتى مات ... وورّث الحكم لأبنائه ومعها الوصية ، الذين حفظوها وَسَارُوا عَلَى التَّبَعِيَّةِ ، نهْجُهُمْ نَهْجَ أبِيْهِمْ  الشَّيْخِ محمَّدٍ الموْلُودِ خَارِجُ أصْوَارَ التَّارِيْخِ. ....

قصة رجل أعمى يدعى بأبي نبوت  ، عاش وحيدا في إحدى المخيّمات الفلسطينية للاجئين  :
 الناس  تحدّثوا عن أبي نبوت[109].. وذكروا سيرة حياة رجل عجوز أعمى يسكن في المخيم[110] ، فكانت قصته محزنة  لذلك قالوا فيه شعرا غنائيا يتغنى به أبناء وشباب فلسطين حتى أضحت الأغنية من التراث ... وتغنى بها عميد الموال الشعبي يوسف شتا:
قصة لأبي نبوت الأعمى

        توفى هذا الرجل عن خمسة وثمانين عاماً، عاش ضريرا وحيدا دون زوج أو ولد أو أهل أو قريب ، يسكن غرفة صغيرة من طين يقال لها "خُشَّة" دون إضاءة أو تهوية ، وأمام غرفته نخلة صغيرة... وكان في كل صباح ،  يصحبه أحد العتالين في المخيم يمتلك عربة يجرها بغل ، فيركبه معه في عربته ويذهب به إلى المدينة للتسوّل ومعه نبوته الذي يمهد له الطريق ، وبعدما ينتهي العتال من عمله قبل مغيب الشمس  يعرّج على مكانه ويحمله معه ويعود به إلى بيته في المخيم ، هذه حياته ، وكثيراً ما كان أطفال المخيم يسرقون الطعام من بيوتهم ويقدمونه إلى أبي النبوت مقابل أن يعطيهم بعض القروش ...وعندما كبر وتقدّم به العمر أصبح لا يقوى على التَّسَوُّل ، فصار في بيته رهين المحبسين البيت والعمى ... مات أبو النبوت ولم تُكْتَشَف وفاتُهُ إلاَّ بعد أن جاء صديقه من المدينة ليعوده فوجده ميتاً.
   فندب عليه وبكاه وطلب من عيون أهل المخيم أن تبكيه وألاَّ تبخل بالدمع على صديق العمر وألاَّ تنسى ذكراه مع بيته الصغير (الخشّة) ، وحولها (النخلة المشلخة ) أي المحطمة ، وذكرياته مع الهمّ الذي لازمه عمره، وذكرياته مع الجيران ومع نبوته الذي كان ونيسه في وحدته يحكي معه ويحاكيه ، كان يمثل نظره فهو الذي يُسَيِّره في دربه ، معينا له في هرمه ، فقال :
يا عين بلدنا جودي وهيلي المع سطرين
واذكري رفيق العمر وقولي الدرب من وين
ختيارها هالختيار مالوا انيس وجار
بحكي متع الحيطان بلعن بلا الإنسان
جوات خُشـَّة مفسَّخه بديال نخلة مشلخه
عاش القهر قهرين
أبو النبوت كبر الجرح وبينك وبين الهم عيش وملح
بعمر سنك ما ضحك بعمر قلبك ما فرح
أبو النبوت
عكازتك هي النظر هي الطريق هي السفر
تحت الشمس تحت المطر
تمشي معك وترجعك تحكي معاها وتسمعك
وتعلمت دربك لوين
أبـو النبوت
سـلام عليك يوم ولدت سـلام عليك يوم تموت
وأن جاءك الملكان
فقل: إنّي لاجئ والتزم السكوت     
الرواية التالية تختلف عن سابقاتها  من الروايات في المعنى والسياق  والمكان ، ولكن أحداثها تعتمد على النبوت، وكلنا نعرف إن السرقة ذنبها كبير حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم  " لعن الله السارق يسرق البيضة[111] " فالسارق ملعون مهما كانت سرقته ، ولكن يوجد مثل ،يقول : " إذا سرقت فاجعل مخافة الله أمام عينيك "!!!.
اشتغل في صنعة أبيك :
 يُحكى أنه كان هناك شابّ زاهد متعبّد يرتدي ثياب الزاهدين ، من ثوبٍ أبيض وعمامة خضراء وغيرها ، وكان هذا الشاب هو الذي يعيل أمه وإخوانه بعد وفاة والده ، وفي ذات يوم ضاقت في وجهه سبل العيش ولم يجد عملاً ، أو أي شيء يرتزق منه ، وكان يتمشّى في أحد الأيام في سوق البلدة والحزن يخيّم عليه وعلامات اليأس والقنوط ترتسم على وجهه ، فرآه شخصٌ من معارفه ، وسأله ما الذي بك يا فلان ؟ أراك على غير وضعك الطبيعي ، فأخبره عن حاله وعن الوضع الماديّ الصعب الذي يعيشه . فقال له : إعمل يا أخي في صنعة أبيك وتوكّل على الله . ولما كان الشابّ لا يعرف ما هي صنعة أبيه لأن والده مات وهم صغار توجّه إلى أمه وسألها قائلاً : ماذا كان أبي يعمل يا أمي ، وما هي صنعته ؟ فتغيّر وجه الأمّ وأصابها شيء من الوجوم وقالت بشيءٍ من عدم المبـالاة : كان أبوك يعمل في التجارة يشتري ويبيع ويربح ويرتزق من ذلك ، غير أن الشابّ لم يقتنع بهذا الكلام فقال لأمه : والله إن لم تخبريني عن صنعة أبي لأتركنّ هذا البيت ولن أعود إليه مرة أخرى . ولما رأت الأمّ الإصرار في نبرات ابنها وفي نظرات عينيه ، وأيقنت أنه يعني ما يقول تنهدت وهي تقول : وماذا كان يصنع أبوك يا ابني ؟! كان لصاً يحمل عَتَلَةً[112] ونَبُّوتَاً[113] وكان مشهورا بـ "أبي نبوت" وهذه هي أدوات صنعته ، فيفتح أبواب الناس خلسـة في الليل بالعتلة ، ويضرب بالنبوت من يجيء في وجهه من الناس ، لقد قضى أبوك أكثر أيام حياته هائماً على وجهه في الجبال مطارداً من الناس ومن الحكومة ، وقضى آخر أيامه في السُّجُون ، وكنت لا أراه في السنة إلا لأيام قليلة ، وصدّقني إني كنت أتمنى له الموت حتى يريحني ويريح نفسـه . وسكتت الأم بعد أن أفرغت ما لديها من كلامٍ طالما كتمته ولم تُصرّح به ، ولكن دمعات خفيفة كانت تتدحرج من مقلتيها .
      أما الشابّ فذهب إلى السوق وإشترى عتلة ونبوتاً ، وقرّر أن يصبح "أبا نبوت" ويشتغل في صنعة أبيه ، وبعد منتصف الليل سار لوحده يحمل أدواته المذكورة حتى وصل إلى قرية مجاورة ، وكان الظلام حالكاً والليلة غير مُقمرة مما يُسهِّل مثل هذه الأعمال ، وتوجّه إلى أول بيتٍ صادفه في طرف البلدة ، وبالعتلة الحديدية فتح الباب الخشبي بخفة ورشاقة دون أن يُحدث صوتاً أو ضجّة ، ونظر داخل الغرفة وإذا برجل وامرأة ينامان على سريرهما ، فأغلق الباب وقال : أعوذ بالله من أعمال الشيطان ، وأخذ يلوم نفسه ويقول : من أعطاني الحقّ في فتح بيوت الناس وكشف أسرارهم وعوراتهم ، ثم ترك البيت وذهب للبيت المجاور ، وبخفة ورشاقة فعل به كما فعل بالبيت الأول ، وإذا بفتاة وحيدة تنام على سريرها ، فتعوّذ بالله من الشيطان مرة أخرى وأغلق الباب ، وقال لنفسه : إنّ هذه الأعمال التي أقوم به هي أعمال لا يرضاها الله ، فترك هذا البيت وسار إلى البيت الذي يجاوره ، وفتح بابه بعتلته كما فتح سابِقَيه ونظر داخله وإذا به يرى بضعة جِرَار ، فقال الآن أصبح الوضع أحسن مما كان عليه في الأوّل ، ثم دخل وفتح جرّةً من هذه الجرار وإذا بها مليئة بالقطع الذهبية والنقديّة ، وفتح بقية الجرار ، ونظر داخلها وإذا بها مثـل الجرّة الأولى ، فقال لنفسه : إن هذا المال له أصحاب ادَّخروه ووفّروه وتعبوا من أجله ، فمن أعطاني الحقّ في سرقته ، والله لن أسرقه ولكنني سآخذ منه الزكاة ، سأقسمه وآخذ منه العُشْر ، فأشعل سراجاً كان هناك وأفرغ واحدة من هذه الجرار ، وبدأ يعدّ ويخرج تسعة قطع ويضعها في ناحية ، ويضع قطعة واحدة في ناحية أخرى ، وهكذا وهو على هذه الحالة يعدّ تسعة هنا وواحدة هناك أذَّنَ مؤذّن البلدة لصلاة الفجر ، فترك العدّ وفَرَشَ عباءته وأخذ يصلّي الفجر ، ومرّ الناس إلى المسجد فرأوا البيت مفتوحاً والسراج مضيئاً فتنافروا وأتوا بهراواتهم وعصيهم ، وتحلّقوا حول الرجل ، ولكن عندما رأوه يصلّي تركوه حتى يكمل صلاته ، وبعد أن فرغ من الصلاة أحاطوا به وقالوا له : ما الذي تعمله هنا ؟ وكيف تفتح بيوت الناس وتأخذ أموالهم ؟ وما الذي تعمله في هذا المال حتى جعلته كومين : فقال لهم : أتركوني وسأخبركم بالحقيقة ، ثم سرد عليهم قصته بكاملها ، فقال أحدهم وكان أكثر الناس لغطاً : أما البيت الأوّل الذي فتحته ورأيت به الرجل والمرأة وسترتهم وأغلقت عليهم الباب ، فهذا بيتي والرجل الذي رأيته هو أنا والمرأة زوجتي ، أما البيت الثاني الذي فتحته ورأيت به الفتاة وسترتها وأغلقت عليها الباب فهذا بيتي أيضاً والفتاة هي ابنتي الوحيدة ، أما البيت الثالث الذي به المال وهو هذا البيت ، والذي لم ترضَ أن تسرق منه المال بل اكتفيت منه بالزكاة فهو بيتي أيضاً وهـذا مالي ، ولأنك شابّ مؤمن وتقيّ فقد زوجتك ابنتي الوحيدة التي رأيتها وقاسمتك في مالي هذا الذي بين يديك ، وأعطيتك بيتاً من هذه البيوت تعيش فيه مع زوجتك ، فخرَّ الشابُّ راكعاً لله يشكره ويحمد فضله ، على أن هداه وأبعد عنه إغواء الشيطان ، ثم ذهب إلى بلده وأتى بأمه وإخوانه ليعيشوا معه في هذا العزّ الذي لم يكن يحلم بـه !!!..
النبوت عند كتاب القصة أو الرواية :
صار النبوت جزء من سرد الأحداث[114] في القصص  والروايات :
 (1) يوم الجمعة
يجتمع ياسين وزكريا وطارق أمام منزل عبده ويتناوبون في المناداة عليه عبر النفاذة فمازال نائما حتى ألان وبعد أن سمع أخوة الصغير  صالح  صراخ الرفاق في الخارج هرع إلى عبده وصاح في إذنه قائلا : ( قوم ياواااد العيال تحت يستنوك ).. يفيق عبده من النوم ويسأل عن الساعة ويخبط على رأسه قائلا : ( ما صليت الجمعة ) ينزل على عجل للالتحاق برفاقه ويواجهه زكريا بنفس السمفوانية المعهودة ( ذبحت أم النوم يا شيخ ) . يتجه الجمع إلى الكورنيش في سيارة ياسين" السوبارو" موديل 90 وبعد أن أصبحوا على مشارف الكورنيش يرن هاتف عبده ويأتيه خبر سار يجعل القافلة تغير مسارها فقد اخبره ذلك الصديق عن وجود ( مزمار ) في حي البلد وهي "حفلة زواج عامة" وبعد أن سمع عبده هذا الخبر طلب من ياسين أن يعود إلى البلد ليحضر المزمار فجميعهم يعشقونه حتى الثمالة ، ولكن زكريا ألح عليهم أن يعودوا به إلى منزله أولا ليأخذ ( الـنَّبُّوت ) وهي عصا تستخدم في رقصة المزمار وبعد جدال عن الوقت الذي سيضيعونه في العودة إلى الحارة ليأخذ زكريا النبوت يوافقون على مضض ويتجهون بسرعة البرق .. وعندما وصولوا إلى حي البلد وأصبحوا على مشارف المزمار نزلوا من السيارة كالمجانين وبدأوا بالتصفيق مع الجمهور كخطوة أولية لكسر الحاجز النفسي قبل الدخول إلى الساحة والرقص أمام الحضور .. ولأن عبده أشجعهم فقد نزل إلى الساحة وأخذ يتمايل على الأهازيج وعندما كان في قمة فرحه ولذته تذكر أن غدا السبت وان لديه (32 ) معاملة يجب أن ينهيها غداً كما طلب منه صاحب المكتب فيقول في سره بحسرة وألم :( يلعن أم القررررف) ..
 (2) كما أن كتاب القصة في المغرب لا يغيب عن بالهم النبوت ، حيث إنّ الكاتب يحرص على الاعتناء بنبوت أمه ليصبح في يده نبوت عزّ وسؤدد :
من قصة عقيقة النّبْتة[115]
يصحو الطفل مرة تلو أخرى ويذهب إلى مدرسته؛ والنبات في منزل أمّه يشكو الجفاف. الأمّ في المستشفى نزيلة تنتظر مولودها الثالث، ترقب طلعة بهية لمولودها، والصبي في ديدنه يئِطّ.. يتضوّر النبات جوعا ويتألّم عطشا ولا أحد يحتفي به، لا يدعو ربّه لاستنبات حاسة النطق لديه حتى يرفع مظْلمته، له حواسّ بدائية تُسْعفه في مملكته، لا يفعل وقد منحها الله للإنسان ليحسّ به.. يجلس في بهو الدار سابحا في عالمه الصغير، يتذكّر أمه فيشتاق إليها، ثم يبكي، يتذّكر رعايتها وعنايتها به وبالنبات، ثم انتفض كالعصفور تحت القَطْر قائلا: ( لِأحاكي فِعال أُمِّي، لم لا أنوب عنها فيما تفعله بالنبات؟ أفعل والله، أعتني بِنَبُّوتِ أُمِّي لعلها تستحيل في يدي نَبُّوت عزٍّ وسُؤْدد).[116]
 3)   مقطع من قصة ( ديار الأحبـة[117])
     ذات يوم.. كنت أجلس تحت شجرة حبيب، شجرة التوت، في الظل والهدوء بجوار الساقية. فجأة ظهر على مقربة مني. تبادلنا النظرات والتحية الصامتة. بهدوء أقترب منى أكثر. سألني عن أحوالي ودراستي وعن أخوتي وأبي الشيخ.. بعد فترة صمت بدأ يفضفض عما في داخله من ذنوب، كأنما يحاسب نفسه، أو يعترف بذنوبه. قال بدون مقدمات كأنما يحدث نفسه أو يلومها: لقد افتريت كثيرا، عندما كنت في شبابي. توقفت عن النظر في الكتاب الذي أحمله، التفت نحوه، هذا ما كان يريده مني، أن أوليه بعض الاهتمام ليبدأ حديثه الفضفاض، ومع ذلك لم أعقب، استطرد قائلا بهدوء: كنت وحيد أبي وأمي، وكان الجميع يطلقون علي رزيق، زيادة في التدليل. اسمي عند الحكومة عبدالرزاق، لا أحد يعرفه إلا القليل. كنت أريد أن أكون قويا، بالرغم من أن بدني لم يكن يساعدني. كنت أصيح وأرفع صوتي واشتم الناس وألعنهم وألعن جدودهم، أعمل في السوق ومعظم التجار والسماسرة من أهل بلدتي يأتون ويجلسون تحت مظلتي الخشبية، كان هذا يعطيني قوة ويزيد من طغياني على بقية السوق.. لأنني كنت أعرف بأن رجال بلدتنا سيقفون معي، ودائما كان ينصرونني ظالما أو مظلوما، وتحت المظلة الخشبية الأمامية للمدخل كان يجلس جدنا وكبيرنا عبدالمقصود ندا ومعه الْنَّبُّوت الأحمر الغليظ الذي لا يستخدمه إلا في المشاحنات والعراك، الكل يعمل له ألف حساب وحساب!! وأنا أزداد في وجوده قوة وعتوا. عندما يحدث خلاف بيني وبين أحد العربان أو البدو أو الزبائن على الحساب وأصيح في وجه الرجل والقي بالأطباق أمامه.. كان جدك يرفع نبُّوته صائحا: سكوت ولا كلمة واحدة، ثم ينظر نحوي: ما هي الحكاية يا رزيقه؟. يدللني أيضا، يا رزيقه!! كنت أتصنع الهدوء والضعف في حضرته وأزيد من احترامه وتقديره، وكان هذا يرضيه كثيرا لدرجة أنه يكون على أتم استعداد أن يفديك بروحه ويخرج حافظته الجلدية الضخمة ويعطيك حتى تصير راضيا، وبعدها يضطر الزبون أن يعيد نقود الجد عبدالقصود له، ويتمنع الجد في أخذها في بادئ الأمر، لكنه في النهاية يقبلها.. كل أهالي بلدتنا كانوا يجلسون عندي وينزلون عندي ويقفون معي، بجانبي، وليس بجانب الحق. منهم لله. كنت أضع الصبغة الحمراء في ماء الفول واحضر المياه من المصرف، وفيها البكارير والحشرات، ولا أراعي في البيع ذمة ولا دين، كان الناس يأكلون اللحوم الفطيس والوقيع.. كنت اشتريها بنصف الثمن من القرى والعزب وأطبخها لهم، ذوقوا. خذوا.. إن شاء الله تموتوا. تصور هذا كان يحدث مني. كنت أحيانا اذبح لهم الكلاب الصغيرة، "الجراء" التي ما زالت ترضع من لبن أمها، عندما تفطم وتنفصل عن الكلبة أذبحها واسلقها واقليها بالسمن البلدي. والشيء الغريب أن الرائحة كانت تفوح وتفتح النفس.. يأكلون بشهية غريبة!! سبحان الله. لم يمرضوا. لم يحدث لهم شيء. وأنا. عاقبني!! كل لقمة أضعها في فمي وتصل بطني استرجعها أو استفرغها دما.. حتى أصبحت عليلا كما تراني. إنه عقاب من الله. ذنوب كثيرة عليّ دفع ثمنها.. من صحتي وعافيتي.. كما تراني. عليلا.. هل تصدقني يا ابن عمي الشيخ إن قلت لك وصفوا لي الدواء أن آكل لحم الكلاب. "الجراء" الصغيرة الرضع.. مثلما فعلت بالناس، فعلت أنا في نفسي.الكوز الذي كنت أسقيهم منه المر، شربت منه.. وبيدي أنا!! هل ترى حكمة ربنا في عباده. دان تدان، وما أقرب الأيام!!. هز رأسه وهمس كأنما يناجي نفسه، يا عيني عليك يا سيد البشير!!.
  4) قصة حياة المجذوب المعتقد السيد علي البكري[118] صاحب النبوت
أقام سنينًا متجردًا ويمشي في الأسواق عريانًا ويخلط في كلامه وبيده نبوت طويل يصحبه معه في غالب أوقاته وقد تقدم ذكره وذكر المرأة التي تبعته المعروفة بالشيخة أمونة وكان يحلق لحيته وللناس فيه اعتقاد عظيم وينصتون إلى تخليطاته، ويوجهون ألفاظه ويؤلونها على حسب أغراضهم ومقتضيات أحوالهم ووقائعهم وكان له أخ من مساتير الناس فحجر عليه ومنعه من الخروج وألبسه ثيابًا ورغب الناس في زيارته وذكر مكاشفاته وخوارق كراماته فأقبل الناس عليه من كل ناحية وترددوا لزيارته من كل جهة وأتوا إليه الهدايا والنذور وجروا على عوائدهم في التقليد وازدحم عليه الخلائق وخصوصًا النساء فراج بذلك أمر أخيه واتسعت دنياه ونصبه شبكة لصيده ومنعه من حلق لحيته فنبتت وعظمت وسمن بدنه وعظم جسمه من كثرة الأكل والراحة وقد كان قبل ذلك عريانًا شقيانًا يبيت غالب لياليه بالجوع طاويًا من غير أكل بالأزقة في الشتاء والصيف وقيد به من يخدمه ويراعيه في منامه ويقظته وقضاء حاجته ولايزال يحدث نفسه ويخلط في ألفاظه وكلامه وتارة يضحك وتارة يشتم ولابد من مصادفة بعض الألفاظ لما في نفس بعض الزائرين وذوي الحاجات فيعدون ذلك كشفًا واطلاعًا على ما في نفوسهم وخطرات قلوبهم ويحتمل أن يكون كذلك فإنه كان من البله المجاذيب المستغرقين في شهود حالهم وسبب نسبتهم هذه أنهم كانوا يسكنون بسويقة البكري لا أنهم من البكرية ولم يزل هذا حاله حتى توفي في هذه السنة واجتمع الناس لمشهده من كل ناحية ودفنوه بمسجد الشرايبي بالقرب من جامع الرويعي في قطعة من المسجد وعملوا على قبره مقصورة ومقامًا يقصد للزيارة واجتمع عند مدفنه في ليال وميعادات قراء ومنشدون وازدحم عند أصناف الخلائق ويختلط النساء بالرجال ومات أخوه من بعده ...
النبوت في الشعرالنبطي العامي :
ويستعمل النبوت في بعض الرقصات الشعبية في البوادي قديما وما زالت مثل(العيالة - اليوالة ) التى يردد فيها المشاركون في الرقصة الأهازيج على دقات الطبول الكاسر و الرحمانى و غيرهما، و تغنى بها الشعراء.
وما قيل في العصا أو النبوت من الشعر[119]  حيث أن القوس أصله عصا أو نبوت  في يد صاحبه يرعى به الغنم أويصطاد بها البقر :
ما القوس إلاّ عصاً في كفّ صاحبها   ترعى بها الضأن أو ترمى بها البقر
وقيل كانت العرب تقاتل بالعصي (النبوت) ، فلهذا قال الأعشى ميمون بن قيس ابن جندل في قصيدته ينفي عن قبيلته المقاتلة بالنبوت أو العصى  ولا رمي الحجارة وإنما قتالهم بالسيف المهند (المصنوع في الهند ) وإنّ ذكراهم في المعارك بيض ناصعة :
وَرَأَت بِأَنَّ الشَيبَ    جانَبَهُ البَشاشَةُ وَالبَشارَه
لسنْاَ نُضَارِبُ بالعِصِيِّ   ولا نُقاذِفُ بالحِارَه
إلا بِكُلِّ مُهَندٍ ... عَضْبٍ من البِيض الذكارة
قال أوس بن حجرالذي يصف أعداءه بأنه سلخ جلودهم مثل لحي العصا وطردهم بعيدا عنه كالجرذان :
 لَحَينَهُمُ لَحيَ العَصا فَطَرَدنَهُم ... إِلى سَنَةٍ جِرذانُها لَم تَحَلَّمِ
وقال صالح بن عبدالقدوس الشاعر الحكيم الذي يطلب من النمّام مشعل الفتنة أن يبتعد لانه لا يستفيد فنحن متحابون ومتماسكون ، وذلك اشبه بالمثل العامي ( الداخل بين البصله وقشرتها لا ينال إلآ (صنتها) رائحتها السيئة ) :
لا تدخلن بِنَميمَة ... بَينَ العَصا وَلحائِها
        أما في صعيد مصر يوجد علم العروض الصعيدي المنتشر منذ زمن بعيد ، وبحور شعره كثيرة ،هناك بحر النبوت وهذا ما يفضله شعراء الصعيد المعاصرين الذي يتماشى مع رقصة التحطيب وكما يوجد  بحر السيديري وبحر السيالة ...
النبوت وأغاني السهرات عند النساء:
لون آخر من أغاني النساء فى السهرات وتحتاج هذه الأغنيه الى بديعة واحدة والكل من الحضور يرد عليها .. التي فيها المغنية تتأوه على أيام النبوت التي أمسكت به ونزلت ساحة الوغى للحرب لتتقابل مع حبيبها وجها لوجه فتأتيها ضربات النبوت الموجعة على ذراعها ورأسها ، وهنا تحتار هل تبكي على ذراعها ورأسها أم تبكي على حبيب يقابلها في المعركة ولكنها في النهاية تختار الحب لأن الذراع والرأس يشفيان ولكن إن ضاع الحب منها لا تجده لذلك طلبت من محبوبها أن يبعد عن ضرباتها لأنها لا تستطيع أن تضربه وتطلب منه أن يلا قيها على العين (مورد الماء الصافي )  في المساء، وبالرغم من حمى وطيس المعركة لا تنسى أن تطرح السلام عليه وعلى كل عائلته وتبين له مكنته في قلبها .. وهو أيضا لا يبخل بالرد على محبوبته بوصف جمالها وجمال خدودها أثناء مرورها بالحارة أو بين البساتين وهي الأن تحمل النبوت للنذل الذي يقف في طريق حبها:
آه ياعلى يامه
آه ياعلى يامه   آه ياعلى يامه[120]
انزلت احارب واجا النبوت فى ذراعى
ابكى على الحب والا ابكى على ذراعى
انزلت احارب واجا النبوت فى راسى
ابكى على الحب والا ابكى على راسى
ابكى على الحب واقول بطيب ياراسى
انزلت احارب لقيت النازل محبوبى
اضرب انا العدو والا اضرب محبوبى
شوحت وقلت ابعد عنى يامحبوبى
معادنا اليوم نتـقابل على العينى
مسيك بالخير يمسى كل طايفتك
ومحبتك فى القلب من قبل ما عرفتك
يمسيك بالخير يمسى اوقاتـك
ومحبتك فى القلب من غير محاكاتك
ياشوفتن شوفتها مرت من الحاره
ياخدود بنت السبع مشمش فى جماره
يا شوفتن شوفتها بين البســاتينى
ياخدود بنت النذل مشمش فلسطينى
غابت على الشمس يامهيرتى سيرى
وانا بخاف النذل يقف فى طريقى
      يتحدث الشاعر[121] الغنائي هنا عن الفتيات الجميلات ووصفهنّ بالغزلان ، فمنهم الكبيرة ومنهم الصغيرة اللواتي يأسرانك بجمالهنّ ورقتهنّ وعذوبتهنّ ويقول : إنه لولا إنه ترك الغزل لكان له شأن آخر ، وشبه هذا الشيء بالسلاح ، فقال : لو أنه لم يرمي سلبه (سلاحه) لاصاب الهدف ، كما تحدّث عن فرقته لهذه المدينة وأهلها ، وكيف جرت دموعه لفراقهم وذكراهم دائما في خاطره ولا يزال .. ويتمنى أن يكون له محلّ في قلوب أهلها ، ليستريح باله ويهدأ من التفكير بهم.. فقال : يكفل الراس حتى لو ثنعشر فوت ...
لقيت غزلان مثنــاتها يرتعـن    فيهــن العاتقــة والتي عاللبن
والله لو ما رميت السلب من زمن     ما بطنّي يخالف ميزر النبــوت
فارقتهم والدمع من عيوني سبل     والتذكار في خاطري لا يزل
يا ريت عندهم كن ولا محل يكفل الراس [122]حتى لو ثنعشر فوت[123] وشوفي للغنا مدينة حضرموت 
النبوت وأغاني الأطفال :
     النبوت لازم الحارات والأحياء الشعبية وحتى( الزقاق ) بين المباني القديمة في الأرياف والقرى، وحول الترع ، فنرى الأطفال وهم يلعبون يتغنون بالنبوت وهذه الأغاني توارثتها الأجيال عبرعصور قديمة ، والأم عندما تلاعب أولادها الصغار تجعلهم يتغنون معها وتطلب منهم السكوت خوفا من الحرامي (السارق) الذي صعد إلى القطار وهو يحمل النبوت  :
توووت .. توووت ..[124]
قطر يفوت ..
توووت .. توووت ..
امنع صوت ..
حرامي القطر ..
معاه نبوت ..
أغنية أخرى تغنيها الأمهات التي تطلب فيها من أولاد حارتها أن يحضروا معهم أكلهم ( العشاء )والنبوت ليركبوا القطار (قطار تركيا القديم البطيءفي سيره) الذي يسير على الفحم :
يردد الجميع:
" يا ولاد حارتنا .. توت توت[125]
هاتو عشاكم .. والنبوت
وامشو معانا .. لما نفوت
توت .. توت
يا وابور يا مولع حط .. الفحم
وأنا بدى ادلع حط .. الفحم
أغنية تدعو للتضامن من أجل رفعة الوطن ، والوطن لا يرتفع أو يرتقي إلاّ بإبعاد الخوف بإمساكهم بالنبوت وبعدها اكل يضحي من أجل الوطن
 أيدك فى أيدى نمسك النبوت[126]
نكسر حواجز الخوف
ونرفع راية الوطن قبل الوطن ما يموت
الوطن لازم يحيى
وأحنا فداه ونموت
أما ما يتغنى به شباب ونساء أهل الطيرة بفلسطين حمل النبوت والشبرية في مقاومة اليهود :[127]
وأما الطيرة الصعبية حملت نبوت وشبرية
والله وذبحت الصهيونية وربحوا في المية مية
النبوت وصل السودان ، ظهر في قصيدة : كل الغبش هاكم [128]
لا البوت ولا النبوت .. لا التوت ولا الكهنوت
    النبوت له مكانة كبيرة عند الشباب في بلاد الشام عامة، وخاصة أهالي حلب ، ( القد الحلبي بقياساته المأخوذة عن أغانيهم الشعبية المغناة في حلب والرقص سواء السماح منه أو الشعبي بأنواعه ولوازمه من السيف والترس والنبوت والطبل والزمر والموال فهو تراث يتمثلونه من جيل إلى جيل( .. وفلسطين وبلاد الشام امتداد واحد ، فتعلقهم بالنبوت ربما  يكون بسبب الاحتلال اليهودي لأرض فلسطين  فرأوا في النبوت الشهامة والرجولة وهذه أهزوجة يتغنى بها الشباب ؛ فيها يطلب الشاعر الغنائي من زوجته زليخة أن تزغرت ومن بنته هلالة أن تغني لفرحة عيد رمضان وخاصة مع بزوغ شمس العيد الذي قدمته الحكومة قبل أن ينتهي الشهر الكريم والمرأة تستنهض زوجها من النوم مع مطلع الشمس لكنه أبى ، ثقل النوم عليه ، فيستهجن عمل زوجته بإنهاضه لآن اليوم عيد ولا يوجد عنده مواعيد فيريد النوم ..ومن هنا يدور حوار يدور بين الرجل وزوجته ، وتظهر شهامة ورجولة الزوج أمام زوجته بإمساكه بالنبوت ولبس السروال الذي يخفيهما في خزانة الملابسويطلب من زوجته ( أن ترفع صوتها حتى النشامى يسمعون فينتبهوا لخروجه ، لأنه نشمي مثلهم  ليسير معهم ومع شباب الحي لمقاتلة العدو المغتصب للأرض وأيضا للشمس التي سرقت أيضا لكن الزوجة تعترف بأن الذي حدث كله حلم ،لأنّ زوجها كان غارقا في النوم ويحلم في فلسطين :
زغرتي يا زليخه وغني يا هلاله,[129]
اليوم طلعت عندنا الشمس
الحكومه أنهت رمضان وقدمت العيد,
بالقوه نبهتني وأنا عايز أنام,
اليوم ما عندي مواعـيـد.
قوم يا راجل كفايتك نوم.
يا مره أتركيني روحي عني بعيد.
يا راجل قوم شوف الشمس.
مالها, موش كفايه الوطن,
سرقوها هيه كمان.
هاتي النبوت وأرقعي بالصوط,
خلي النشامه تسمع,
عليهم يا رجال,
عليهم بصيحة الديك,
والمكتوب على الجبين,
حتشوفه العين بدون حواديت.
يا راجل سلامة عقلق,
لساتك بتحلم,
نفسي تحلم فيه يوم,
بدل الخرابيش,
النبوت ما عاد يطبش,
والصواريخ طلعت فتيش.
يا مره كفايه شئم,
خلي عندك عزيمه ,
النبوت شايله في الخزانه
هاتي السروال والحقيني,
تنلحق الربع ولا عيزاهم يقولوا,
تخلى عنا في اللحظه الأخيره.
أخ منك يا راجل,
الي فيه صنعه ما بيتركها,
أنا عايزاك تشوف الشمس,
وتستمتع بطلعتها,
بقالنا شهور محرومين من شوفتها,
بص وشوف يا محلى زينتها,
وأنت عقلك في فلسطين,
موش قادر تنسى سيرتها.
يا حصره على شبابي,
سهرت الليالى واقفه وراء الشباك,
تتأخر أقول شو جراله,
الله يستر ميكون لحق أصحابه,
وأدور عليك في السماء مع النجمات.
أخ منك يا مرأه,
ياريت يا رب أسمع منها,
هوه أنا إلي غيرها عايش عشانها,
هذه فلسطين بنتي, أمي وأبي,
أبني, أختي وأخي, دمي ولحمي,
الموت والله أرحم من الغربه ولو في بلدي,
ويا أحنا يا هم والشهاده مطلبي,
ويشهد على كلامي رب محمد,
وعيسى النبي.
وشاعر[130] غنائي آخر أراد أن يجعل من قصيدته أغنية يتغنى بها الصغار والكبار، فكان الموعد مساء عند مسرح الظباء  في غابة المرجان والليلك..يحمل في يده النبوت بدل غصن الزيتون ...." أبو علي ... لأيترد فركبنا القطار وأوصلنا إلى الجنة بسلام فدخلناها بوئام دون عراك بالنبوت أو شجار  مع إنه يخيّل لنا عكس ذلك...!!؟؟ ثم وصف لنا الجنة بأشجارها ومياهها  وغزلانها وأزهارها وعصافيرها المغردة .. وتمنى أن يكون عصفورا أزرق بلون سمائها فيها ليحط على كتف أبي علي مرة و اخرى على كفة ليغني له أجمل الألحان [131] :

هذا مساءٌ وفيه نلتقي على موعد[132]
وموعد لنا عند مسرح الظباء .
في غابة المرجان والليلك .
ليس بهِ عرج ولا اعوجاج ..؟!!
يحمل في يده بدل النبوت غصن زيتون ..؟؟
وفي كل جيب من جيوبه واحد من تلك المفاتيح السحرية
التي تفتح للناس الأبواب
وتنقلهم إلى كل عالم مستطاب
دخل النبوت مجال الألعاب المحلية فلازم الصبية العرب وخاصة في السعودية وبعض أبناء دول الخليج وعاش معهم صباهم : اللعبة [133]:
    لعبة نبيبت [أو النبوت ] كما يسمونه إخواننا المصريين , نشكل فريقين من الأطفال,لكل فريق مجموعة من النبابيت [العصي] اللعبة فيها مرح وتسلية وليس صراع دموي بين شخصين كما في صعيد مصر اللعبة سهلة يثبت الفريق الأول عصيه في الرمل ,تحدد مسافة متفق عليها يقف عنصر من الفريق الأخر ويرمي عصاه ليصيب بها عصي الفريق الخصم وتحتسب نقطة عن كل عصا يصيبها وتمنح ضربة جزاء لمن يصيب العصي مرة واحدة فيعاد تثبيت العصي من جديد........ كانت تعجبني هذه اللعبة لبساطتها وتسليتها فكنا دائما نفتتح بها ألعابنا.
      كما توجد ألعاب بالنبوت في كل من بلاد الشام وفلسطين ومصر ولبنان / حيث يمسك كل طفل بنبوت .. تدور المنافسة بين فريقين لمن يدحرج كرة من المعدن جهته ويضعها في مكان معين على أرضية اللعب ، يتم الاتفاق عليه بين الفريقين ، وكذلك لعبة ( الحاب ) يضرب اللاعب عودا صغيرا بنبوته فيبعده .. وهذه اللعبة كانت منتشرة في يلاد الشام ولبنان وفلسطين .. وهذه الألعاب قد انقرضت جميعها ...
بدعة لعبة النبوت حول القبور[134]
      قرأنا خبرا عن بدعة استهدفت تحذير الناس من اقتراب يوم القيامة (الوطن، 8/4/2006) ومنذ بضعة أيام وردنا خبر عن حفنة من السعوديين 'يلعبون النبوت حول القبور' حيث جاء في الخبر إنّ ظاهرة بدأت تطفو على السطح في مدن رئيسية في المملكة العربية السعودية وخاصة مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة حيث يقوم شباب في مقتبل العمر باعمال غريبة بمحاذاة القبور، فتراهم يلعبون ويمرحون حول نار يشعلونها وسط دقات الطبول، وصوت المزمار، ويستخدمون في ذلك العصي (النبوت) كما يطلقون عليها، ويتم اللعب في النبوت بطرق مختلفة من خلال الدوران بين النار التي اشعلت ودقات الطبول..' (الوطن، 26/5/2006).
النبوت في الرقصات الفولكلورية الشعبية :
    وقف النبوت معنا فى المواسم والأعياد ، ولازمنا في الأفراح ، فيرقص به الشباب في مصر رقصة تدعـى بـ "رقصة الموت" أوالتحطيب [135]، لأنها تحتاج إلى مهارة وفتوّة وتدريب ، أمّا النساء يرقصن حول أصحاب النبابيت لانهنّ لايستطعن اللعب أو الرقص بالنبوت ، لانه يحتاج إلى عضلات وقوة تحمّل ومهارة في ردّ وإصدار الضربات . 
.... ‏وعصا‏ ‏التحطيب‏ ‏يطلق‏ ‏عليها‏ ‏عدة‏ ‏مسميات‏ ‏بخلاف‏ ‏النبوت‏ ‏منها‏؛ ‏الشومة‏ ‏و(الزقة‏ الفتونة) ،وهذا ليس بزمن بعيد ،كان معظم أهالى الصعيد يمتلكون النبوت، ولكنه أصبح عادة توارثتها الأجيال من قديم الزمان ، أو يمكن وصفه بانه أصبح قسما من الزيّ للرجال.
   (2) أما رقصة المزمار والنبوت[136]
رقصة المزمار  

منتشرة في المناطق الجنوبية من السعوية واليمن  يعود النبوت إلى عصور متناهية في القدم ، يلازمه  المزمار ، فنشأ المزمار ومعه النبوت إنهما متلازمان  ... 
    الثابت في كتب الحديث الشريف (الصحيحين)[137] أن الأحباش كانوا يلعبون بالحراب ويرقصون، ويضربون الدف. وان الرسول صلى الله عليه وسلم أمّنهم، ولم يمنعهم.
 ومع بداية القرن التاسع عشر الميلادي، وحتى منتصف القرن العشرين، كان المزمار مسرحاً لاستعراض البطولات وتصفية الأحقاد أحياناً. كانت تصاحبه أغاني الفخر والمديح والبطولة والفروسية. انتهى ليكون حفلة طربية ملتصقة بالمناسبات الفلكلورية والاجتماعية. انتهى كذلك في عقول السعوديين – في غير مناطق الحجاز – إلى مجرد لعبة فلكلورية. لكنه لا يزال حاضراً في المدينة ومكة وجدة وبعض المحافظات. ولا تزال بعض الأحقاد تُصفّى بالعصا، عصا المزمار (العود)، (النبوت).
 ربما لم يسمع سعوديون كثرٌ عن (الصفوف)، عن (كبارية) الصفوف، عُمدها، معلميها. لم يدركوا مهارة لعبة العصا ووصولها أحياناً إلى وسيلة للدفاع عن النفس والثأر. لم يعرفوا أن الفن الشعبي تحول يوماً إلى (لعبة موت). استغله جيل جديد، وصغار سن حتى في الماضي. أزهقوا بسبب مهارتهم أرواحاً.
النبوت لازم المزمار كما دخل مع رقصة العراضة في بلاد الشام ، وهذه مقابلة مع أبي محروس الذي أدخل النبوت لهذه الرقصة :  
موقع Syria التقى  مع السيد "أبو محروس" في مكتبه الكائن بمنطقة "دوما" في "ريف دمشق" بتاريخ 17/8/2008، وكان قد حدثنا عن العراضة
بالإضافة إلى المبارزة بالسيف واستخدام الآلات النفخية في الزفة المصرية، تم إدخال "النبوت" وهي عصا طويلة يتم اللعب فيها،
وتضمنت عرضاً لفرقة إبلا للفنون الشعبية ، التي قدمت للجمهور مجموعة من الفقرات التراثية من الرقصات والدبكات المطورة مع السلاح كالسيف والنبوت والرمح والعصا والترس.
الفقرة الأولى :
ألعاب النبوت والسيفين ، والسيف والترس مطورين عن الألعاب القديمة .
الفقرة الثانية:
دبكة ' القبا ' وهي دبكة ثقيلة الوزن تتميز بها ادلب عن سواها من المدن السورية. وتضم بآن معاً عدة دبكات مثل : عربية خفيفة، اللوحة، الشرقية، السلمونية كانت الفقرة السادسة من مهرجان ادلب الخضراء للفنون الشعبية :
لوحة السيوف والنبوت[138] والمبارزة بالرمح ، ولعبة الحكم التي اندثرت بالمحافظة.
ومن أجمل الألعاب كانت لعبة الحكم في محافظة ادلب. التي لم تمارسها منذ زمن طويل ،وقد تم إحياؤها في هذا المهرجان،من خلال فرقة ايبلا للفنون الشعبية ، ولعبة الرمح التي تم تجسيدها اليوم قدمت كما كانت تقدم منذ القديم دون تبديل أو تحريف
النبوت في السينما والمسرح  والمسلسلات التلفزيونية:
دخل النبوت عالم السينما  في فيلم : (التوت والنبوت )[139]، من روائع نجيب محفوظ ... بطوله: عزة العلايلي (عاشور الناجي).... (والحرافيش ) ..ومسلسل باب الحارة .. والنبوت عادة مرتبط بالحارة الشعبية فهي عالمه في كل من مصر وسوريا وفلسطين ..
بعد أن دخل النبوت مجال السينما فلا بدّ له أن يدخل على يد الكاتب المشهور نجيب محفوظ المسرح وذلك في مسرحية الحرافيش[140]ويركز فيها على طريقة تدريب الكبار للصغار لعبة التحطيب أو الرقص بالنبّوت مع المزمار  والأغاني التراثية القديمة  جاءت هذه الحكايات في سياق رصد الحارة الشعبية والصراع بين الفتوات ذوي النبابيت الطويلة والقلوب الغليظة.
وقانون الفتونة في عالم الحرافيش قائم على إبقاء الفتوة في موقعه القيادي "سيد الناس" حتى يموت أو يتحداه فتوة آخر وعند ذلك يحتكم الفتوتان المتنافسان إلى صراع النبابيت، أما أن تتداول أسرة عاشور الناجي وسلالته مقاليد "الحكم الشعبي" بقوة النبوت، فهو أمر يحيل إلى مبدأ توارث الحكم. ومع أن البيئة التي اختارها نجيب محفوظ قد أملت عليه هذا النسق من النظام لحكم الحارة .
النبوت والتجارب العلمية :
النبوت تعدى كل ما ذكرنا بل أصبح حقلا للتجارب العلمية[141]: قام طلاب إحدى المدارس باختراع سترة واقية من الرصاص والمواد الحادة ، حتى يتأكدوا احضروا واحدا من المارينز ومعه القوس ، وبه سهم مصنع تصنيعا قويا جدا ، وسريع جدا ، وسموا السهم بالنبوت ، وعملوا التجربة .....
عالمية النبوت :
لازم النبوت القبعة عند ملوك أوروبا والساسة والقادة وحتى العامة وخاصة رعاة الماشية والبقر في القرى والأرياف وذلك قبل العصور الوسطى إلى عهد غير بعيد .
النبوت في الأمثال العربية الفصحى والعامية :
 يقال : " شق فلان عصا المسلمين " : إذا خالف ألفتهم ، وفرق جماعتهم.
    قال بن دريد – رحمه الله – إنما سميت العصا عصا لصلابتها مأخوذة من قولهم : عص الشيء وعَصَا وعَسَا إذا صلب . والعصا عود من الخشب يتوكأ عليها وَيهشُ بها على الغنم ، والعصا مؤنث ، مثل يضرب للجماعة ، يقال : "شق فلان عصا المسلمين " : إذا خالف ألفتهم ، وفرق جماعتهم.
يقال : " إياك وقتيل العصا" .يريد إياك وأن تكون القتيل في الفتنة التي تفارق فيها الجماعة.
(1) ما بظن- حبنى وخدلك زعبوط قال هى المحبه بالنبوت
    الزعبوط : ثوب واسع من الصوف يلبس فى الريف واسع الأكمام طويله غير مشقوقه من الأمام . ، والنبوت : العصا الطويله الغليظه . والجمع بين الزعبوط والنبوت عيب فى السجع  . والمعنى أن المحبه ليست بالحباء والعطيه ولا بالتهديد والاكراه . وقولهم :
( كل شىء عند العطار إلا حبنى غصب ) ..
   (2) يستاهل الضرب بالنبوت
يقال لمن يعمل عملا سيئا
     *أمثال شعبية مصرية
  (3) مثل النبوت لايحيي ولا يموت[142] .
    النبوت نوع من أنواع النبات .. الذي مهما اسقيته .. ومهما خدمته .. فأنه يبقى كئيب المنظر . ثم يبقى هكذا لاهو حي فترجو بأن تستفيد منه .. ولاهو ميت فتيأس منه وتتجه إلى غيره ...يــضـرب هذا مثلاً لبعض الأشياء التي تتعلق بأهداب الحياه فتره طويلة من الزمن مع أنه لافائده ترجى من ورائها لا بالنسبه إلى غيرها
     *مثل خليجي/عماني
 (4) شارع نبوته بريراوي:
      قيل هذا المثل عن اهل برير. النبوت عصا غليظة وطويلة نوعا من الخشب القاسي كان يحملها الشخص لحمايتة والدفاع عن نفسه. وقد كان لموقع قرية برير بين القرى الاخرى وبمحاذاة البادية اثر كبير في جعل اهل القرية يحملون السلاح للدفاع عن انفسهم واملاكهم خاصة وان ارضها كانت واسعة وتحتوي على الكثير من الوحوش والهوام.
     *مثل فلسطيني
(5) ما بيجي إلاّ بالعصا والنبوت
    أي إنّ الإنسان لا يستقيم ويعتدل إلاّ بالضرب .. مثل حبات الزيتونة لا تأتي الآ بالرّص.
    *مثل فلسطيني
 (6) ما ينفع معه لا عصا ولا نبوت
     أي أن هذا الإنسان مبلد لا ينفع معه أي شيء حتى الضرب ما ينفعه
    *مثل فلسطيني
(7) النبوتنا حامينا
يقال عن الرجل المهم أو استعمال القوة
(8) مثل الشجر لا مآل مع حزة نبوت = يبقى عوج لو تربته ساحليٌه[143] .
يقال للإنسان الذي لاينصلح أبدا
    *مثل سعودي
 (9) ياهل النبـوت مايبنـي البيـوت الا عمدهـا .
     يقال للشخص المهم فيشبه بعمود البيت ودونه لا يقام أي لكل بيت نبوته المهم في البيت
*مثل سعودي
 (10) خراب البيوت باستعمال الشمار والنبوت
      يقال للذي يخرب بيته من وراء العنف والقتال
      * مثل سوداني
(11) قال المثل[144]: بأن الفتى قلب ولسان = والحنظلة ماهى كما تمر النبوت
    يعني لا يستوي الحلو مع المر ، ويقال لمن كان معدنه حسن ومنبته طيب
     *مثل سعودي
(12) وإن مات يموت صالب عودة كما سليمان ساند طوله علي النبوت
    يعني الذي يريد أن يموت يوت على الشجاعة ولا على الذل والخضوع ،يقال أن هذا الانسان مات مثل الشجرة واقفا.
*مثل مصري
(13) (الأرض حوز نبوت)
    يضرب للبنت التي لا ترث أو أي أنها أخذت بالقوة وهذا عند بعض القبائل الليبية..
   (وتقول العرب: العَصَا من العُصَيَّة، ولا تلد الحيَّةَ إلا حَيَّةٌ : تريد أن الأمر الكبير يحدث عن الأمر الصغير ).
النبوت قديما يسمى بالعصا
(14) وفي مجمع الأمثال للميداني مثل تضربه العرب وهو( إنَّكَ خَيْرٌ مِنْ تَفَارِيقِ العَصا) .
 وهذا من قول غُنَيَّة الأعرابية في شأن ابنها: وذلك أنّه كان لها ابنٌ شديد العَرامة، كثير التفلت إلى النّاس، مع ضعف بَدَنِهِ ٍ ودقّة عظْم، فواثب مرّةً فتى من الأعراب، فقطع الفتى أنفَه، فأخذَتْ غنيّةُ ديةَ أنفه فحسُنت حالُها بعد فقرٍ مُدْقِع، ثمّ واثَبَ آخرَ فقطع أذنَه فأخذت الدِّية، فزادت ديةُ أذنه في المال وحُسْن الحال، ثم واثَبَ بعد ذلك آخرَ فقطع شَفَته فأخذَتْ ديةَ شفتِه، فلمَّا رأت ما قد صار عندها من الإبل والغَنَم والمتاع والكسب بجوارح ابنِها حَسُن رأيها فيه، فذكرته في أرجوزة لها تقول فيها:
أَحْلِفُ بالْمَرْوَةِ حَقَّاً وَالصَّفَا ... أَنَّكَ خَيْرٌ مِنْ تَفَارِيقِ الْعَصَا
قيل لإعرابي: ما تفاريق العصا تقطع ساجوراً والسواجير تكون للكلاب وللأسرى من الناس، ثم تقطع عصا الساجور فتصير أوتاداً ويفرق الوتد فتصير كل قطعة شظاظاً، فإن جعل لرأس الشظاظ كالفلكة صار للبختي مهاراً وهو العود الذي يدخل في أنف البختي، وإذا فرق المهار جاءت منه تواد وهي الخشبة التي تشد على خلف الناقة إذا صرت، هذا إذا كانت عصا، فإذا كانت قناة فكل شق منها قوس بندق، فإن فرقت الشقة صارت سهاماً، فإن فرقت السهام صارت حظاء، فإن فرقت الحظاء صارت مغازل، فإن فرقت المغازل شعب به الشعاب أقداحه المصدوعة وقصاعه المشقوقة، على أنه لا يجد لها أصلح منها وأليق بها. يضرب فيمن نفعه أعم من نفع غيره.
   *وقال صالح بن عبدالقدوس :
                  لا تدخلن بِنَميمَة ... بَينَ العَصا وَلحائِها
الخاتمة :
       دافع الإنسان بالنبوت عن حياته وبقائه ، واصطاد به فسدّ رمق جوعه وعياله ، فتغنى به المغنون ورقص به الرّاقصون ، ولعب به اللاّعبون ، وهو مع الخطباء على المنابر وهم يعظون ، إنهم ـ حملة النبوت ـ على مصالح النّاس ساهرون ، والشعراء له واصفون ،وعنه يكتب الأدباء ويسطّرون ، وبه الرّعاة يرعون ويسقون ، والرجال (النشامى) له حاملون ، فهو الرّفيق يوم الظعن ، والأنيس في الحلّ،والصّاحب للأعمى والخليل للبصير،والنّصير للضّعيف ، والمعين للقوي ، والزّينة للحاكم ، والأمان للمحكوم ،،، 
      يقال إنّ النبوت ( العصا الغليظة ) هبط مع سيدنا أدم عليه الصلاة والسلام من الجنة ، حيث جاء في المثل الشائع  المتوارث بين العامة  ( العصا لمن عصى والعصا من الجنّة ) ، ثم توارثته الأنبياء ،فشاع النبوت وانتشر بين الحاكم والمحكوم  لمكانته واستعمالاته المتعددة وأهميته للدفاع عن النفس في كل ما يهدد حب البقاء للناس ، من عدو حيواني أو بشري ..
     هذا النبوت عايشنا آلاف آلاف السنين ، ما زلنا نتمسك به فهو المعين لنا عندما تتقطع بنا السبل ، والنصير لنا عندما نحتاج النصرة ... بالرغم أنه تسلل في ردح من الزمن إلى أيدي اللصوص و(البلطجية) وقاطعي الطريق ،إلاّ إنّه ظل رمزا للشهامة والبطولة والرجولة،ظلّ شامخا في عيون الناس  قد تغنينا به وكتبنا القصائد فيه وعملنا منه الحلوى وأطلقنا اسمه على أجود أنواع التمور فهو جزء منّا ، لازمنا في الصغر مع ألعابنا وفي الشباب مع قوتنا ورجولتنا وفي الكهولة معينا لنا وسندا ، فالنبوت للبصيريتمتع بحظواته  والضرير يساعده في سيره ، للقوي ليستمتع ويتباهى بقوته  والضعيف يدفع الأذى به عن نفسه ، للغني يحافظ به على ثروته والفقير يتلقط به رزقه ..  هو مع الحارس والفارس ، مع الغفير والسارق والبواب والرّاعي ، مع الكهل والضرير  ومع رجال مكافحة الشغب .. لازمنا في أفراحنا وأتراحنا في إقامتنا وترحالنا  عيوننا ألفت رؤياه وكل بيت لا يخلو منه  ..هو الذي أرسى الطمأنينة في قلوب الناس الهاجعة في الليالي المظلمة ، حرسنا به المتاجر والمزارع والمدارس والبيوت والمصاتع  في مناطق واسعة من عالمنا فترات طويله من الزمن ..هذا النبوت الذي افتخرنا به وسمينا به أولادنا وأحفادنا  ، ونسجنا حوله الحكايات والقصص المثيرة ، وقومنا به ما اعوج من البشر، رقصنا في الأفراح به مع المزمار ، ثم أطلقنا اسمه على نوع من البنادق ،ثم على (الميزر) الرّشاش وممكن أن يطلق على أنواع أخرى من الأسلحة غير التقليدية المتطورة ،إذا كانت هذه الأسلحة كثيرة التداول بين أيدينا أو من صناعة سواعدنا صناعتنا المحلية أما الآن أطلقنا اسمه على كل رجل مهم في الدولة أو في الفرق الرياضية فاللاعب المميز هو نبّوت الفريق ، ونبوت الإعلام والصحافة ، وكل في مجاله والرجل نبوت لعائلته ..فمهما تغير أو تبدل النبوت لازلنا نتمسك به هو السر في بقائنا وإبراز هويتنا هو ماضيبا وحاضرنا ومستقبلنا حسب مفاهيمه في كل عصر . . ..
     مع إنّ نبوتنا في هذه الأيام قد قصر ونبوت غيرنا طال فطال منّا حتى رقصنا به حول المقابر ، ولم يبق لنا إلاّ بندقية تراثية يقال لها النبوت ونبوت التحطيب والمزمار ..وإن شاء المولى عزّ وجلّ سيزداد كلّ نبابيت الخير عندنا طولا من نبوت الغفير ونبوت سيف إلى الميزر والنبوت  لا لشيء إلاّ لندرأ الشرّعنا ولنرقص رقصة التحطيب ورقصة النبوت والمزمار...


تمّ بعون الله وتوفيقه
والحمد لله رب العالمين










المصادر:

1 ( لسان العرب) باب التاء فصل النون
2 ( المعجم الوسيط ) في باب النون مع الباء ثمّ التاء
3(معجم فصيح العامة). (م. س.) ص 445.
4 العصا المصرية نبوت، كما في "التاج " ، جمعها نبابيت
5 الأستاذة ضياء العلي ، تعليقات الوراق على سبط
6 قصص الأنبياء للجزائري
7 العرائس للثعلبي ص:156
8 رواه مسلم، ح 1275
9 هذا وارد في الصحيح
10 البداية والنهاية (‏ج/ ‏:‏ 4/ ص 345‏)
11 كتاب السؤدد عيون الأخبار ابن قتيبة
12 المصدر البداية والنهاية الجزء الرابع (‏ج/ص‏:‏ 4/ 345‏).‏
13 كتاب الأعلام لخير الدين الزركلي
14 كتاب معجم الشعراء                             
15 امتع الأسماع للمقريزي ص: 382،383
16 ديوان الأمثال للشاعر بجاد لهاب الجش صفحه رقم 255/منتدى قبيلة مطير
17 الزواج عند العرب في الجاهلية/ تأليف: د. عبدالسلام الترمانيني
18 الإمام القرطبي - رحمه الله تعالى - في تفسيره الجامع لأحكام القرآن(11/187-189)
19 البيان التبيين للجاحظ/ وكتاب العصا لأسامة بن منقذ
20 الشاعر زهير ظاظا  في تعليق/الوراق ..كتاب العصا لأسامة بن منقذ
21 الجاحظ في كتابه البيان والتبيين
22 سورةالأنبياء: ص84
23 قصص الأنبياء لابن كثير ص    ( 65  )
24 قصص الأنبياءللجزائري ص : 223
 25(من كتاب "فرعون و موسى" للكاتب : خالد على نبهان) و راجع التفاصيل : http://www.e-e3lan.com/detail.php?siteid=2297
26سورة "طه" ص 18
27 العرائس للثعلبي ص:156
28 رواه مسلم، ح 1275
29 : سيرة ابن هشام / الجزء الثاني
30 تاريخ يافا القديم.
31 وكتاب العصا لأسامة بن منقذ
 32 جريدة الشرق الأوسط
33 المصدر مجلة الحرس الوطني
34 ديوان الشاعر راجح بن عبدالهادي المالكي
35 عرض: طاهر العبسي/ صحيفة 26سبتمبر/العدد 1085 - التاريخ: الخميس 04 سبتمبر-أيلول 2003  الموضوع: شئون محلية رقم الصفحة.
36 متحف للفن والتراث الريفي/جريدة الوحدة التي تصدر من اللاذقية /سوريا /تاريخ :4/9/2008
37  رياض الصالحين ــ باب التوبة ــ لـ " الإمام النووي " رحمه الله . طبعة قطر . ص 49 ـــ 50 )..
38القاموس الوسيط ص 312 ص 232 ص 232
 39برهان، محمد حسين بن خلف التبريزي، برهان قاطع، تحقيق محمد معين، طهران - 1951، 1952، ص1308  وهنا المقصود البنادق .
40 رياض الصالحين صفحة 540
41 الوراق /عجائب الآثار المنحوتة
42 البيان التبيين للجاحظ –
43 مجلة أفق الثقافية.
45 من مهرجان ادلب الخضراء للفنون الشعبية /جريدة زمان الوصل
46  مسرحية الحرافيش/ نجيب محفوظ /من اللوحة الثانية .
47 عرض في محطة فضائية ديسكفري بعنوان "الدرع والنبوت" في برنامج قوس قزح .
48 جريدةالرأي
49جريدة القبس
50جريدة الوطن،( 26/5/2006)
51 جريدة " المستقبل" اللبنانية- الاحد 17 نيسان 2005 - العدد 1893 - نوافذ - صفحة مقال لحمدي رزق ـ القاهرة
52 ديوان العرب المؤلف: الدكتور أحمد الخميسي/
53  الجبرتي 3: 62 - 63 وتاريخ الحركة القومية، لعبد الرحمن الرافعي..

الملحقات
منتديات بحر الثقافية
موقع نت/ الحلم العربي
موقع النداوي الشعبية
موقع الحياة السعيدة
محاورات مضواح بن شتوي وعوض القرني
موقع الأسلحة التراثية
منتدى و موقع نت سعودي/ منتديات الــعــبــا س للـتر ا ث
شبكة قبائل زهران
المجالس الينبعاوية
زامل/ آل السري/منتدى قبيلة العجمان.
زامل*/ أحمد عامر صبر المنبهي.
منتديات العبا س للتر ا ث
موقع نت سعودي
رابطة أدباء الشام
دار عبد الزاق الجبالي
المرجع / أم محمود الاشقر. موقع عائلة الأشقر
ماجدة سليمان
موقع نت سوداني
أسرة مدونات مكتوب
موقع نت فلسطيني
ملتقى حضرموت للتراث العربي
موقع نت عماني
مدونة أحمد صلاح

فهرس الكتاب
فهرس الموضوعات                                    رقم الصفحة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإهداء                                                             2
المقدمـة                                                            3     



[1] جاء في( لسان العرب) باب التاء فصل النون
[2] (معجم فصيح العامة). (م. س.) ص 445.
[3] العصا المصرية نبوت، كما في "التاج " ، جمعها نبابيت
[4] قصص الأنبياء للجزائري
[5] العرائس للثعلبي ص:156
[6] رواه مسلم، ح 1275
[7] البداية والنهاية (‏ج/ ‏:‏ 4/ ص 345‏)
[8] كتاب السؤدد عيون الأخبار ابن قتيبة
[9] المصدر البداية والنهاية الجزء الرابع (‏ج/ص‏:‏ 4/ 345‏).‏
[10] كتاب معجم الشعراء
[11] موقع الأسلحة التراثية
[12] المصدر مجلة الحرس الوطني
[13] العكازة : عصى يستعملها العجايز للمساعده في المشي او لمآرب اخرى
[14] القرط بالضم : نبات كالرطبة  إلاّ  إنه أجل منها وأعظم ورقا ، تعتلفه الدواب ، نقله أبو حنيفة . قال : فارسيته الشبذر كجعفر./AL-HAKAWATI
[17] الزواج عند العرب في الجاهلية/ تأليف: د. عبدالسلام الترمانيني
[18] امتع الأسماع للمقريزي ص: 382،383
[19] هذا وارد في الصحيح
[20] المصدركتاب معجم الشعراء
[22] الإمام القرطبي - رحمه الله تعالى - في تفسيره الجامع لأحكام القرآن(11/187-189)
[23] المصدر كتاب معجم الشعراء
[24] مقال لحمدي رزق ـ القاهرة جريدة المستقبل - الاحد 17 نيسان 2005 - العدد 1893 - نوافذ - صفحة

[25] مدونة أحمد صلاح
[26] المؤلف: الدكتور أحمد الخميسي/ ديوان العرب
[27]  الجبرتي 3: 62 - 63 وتاريخ الحركة القومية، لعبد الرحمن الرافعي.. كتاب الأعلام لخير الدين الزركلي

[28] البيان التبيين للجاحظ – وكتاب العصا لأسامة بن منقذ
[29] الشاعر زهير ظاظا  في تعليق/الوراق ..كتاب العصا لأسامة بن منقذ
[30] حيث هناك العصا البيضاء المستحدثة التي يمكن طيها والتي يستخدمها المكفوفون العصا البيضاء :- هي عبارة عن عصا طويلة بيضاء اللون يستخدمها الكفيف لمساعدته على التنقل واكتشاف العقبات التي من الممكن أن تعترض طريقه أثناء سيره ويرجع الفضل في استخدامها الى الدكتور ريتشارد فورد , وقد عرفت باسم عصا هوفر وأنواعها :
1-العصا الطويلة ذات القطعة الواحدة
2-العصا المنطوية حيث يستطيع الشخص فتحها لتكون قطعة طويلة واحدة عند الاستخدام
3-العصا ذات الوصلات المتداخلة وتكون الوصلات حسب قياسات متناسبة مع طول الفرد الذي سوف يستخدمها سواء من الأطفال أو الراشدين
العصا الإليكترونية
جهاز يتصل بالعصا البيضاء ويُعِين الكفيف على إستشعار الأشياء التي قد تعترضه في الطريق أثناء سيره. الجهاز صغير وحجمه يعادل حجم جهاز الجوال. ويحمل الكفيف الجهاز بيده أو يُوصله بعصاه البيضاء بواسطة قطعة من البلاستيك المُقوى على شكل حلقة مفتوحة بينما يُثِبِّت طرفيها على العصا البيضاء كما تقبض الكماشة بالمسمار.
يستطيع الكفيف تضبيط مدى عمل الجهاز والذي يمكن تغييره من متر واحد إلى خمسة أمتار.
ويطلق الجهاز موجات Ultrasound بإتجاه سير الكفيف، فإذا إصطدمت بكائن ما في طريقه إرتدت إلى الجهاز لكي يقوم بتحويلها إلى موجات صوتية يستطيع الكفيف سماعها بواسطة سماعات يرتديها وتتصل بالجهاز.
في الحقيقة أن الجهاز كان دقيقا حيث يطلق موجات صوتية حال وجود أي كائن يعترضه وتزداد حدة تلك الموجات بإقتراب الجهاز من الجسم.
يعمل الجهاز في داخل المباني أو خارجها.

[31] ذكره الجاحظ في كتابه البيان والتبيين
[32] جريدة " المستقبل" اللبنانية

[33] أما ملكارت، فهو إله فينيقي سوري، إله القوة في التقاليد السورية القديمة، وإليه يعود بناء مدينة صور المقدسة: ونظراً لأهميتها، فقد أطلق الإغريق على المنطقة إسم سيريا(× µpL ٤ (المشتق من صور(wp٤)، وهو الإسم الذي لا يزال مخلداً حتى الآن في إسم سورية....  وملكارت أو هرقل، هو صورة للإله البعل، ومعنى إسمه ملك المدينة، كان مركز عبادته في صور، ويُصور بصورة محارب منتصر وبحّار كبير، تبوأ مجمع آلهة صور حوالي القرن العاشر ق.م. وكرس له الملك حيرام معبداً....  كان يُقام له في ربيع كل عام عيد يُعرف بإسم "بعث ملكارت" يدوم خمسة أيام. وكانت الغاية من هذا العيد إعادة بعث الحياة في هذا الإله بواسطة النار..  كانت معابد ملكارت منتشرة في جميع المستعمرات الصورية. وأهمها في غدير ( قادش) وكيلسوس على جانبي مضيق جبل طارق، حوالي العام 100 ق.م. أطلق على هذا المضيق اسم مضيق عمودي ملكارت. ومن المحتمل أن تكون العبارة الجغرافية " أعمدة هرقل" ترجع إلى عمودي البرونز اللذين كانا يزينان مدخل هيكل ملكارت في قادش على أبواب المحيط. ..... ويُروى عن ملكارت ـ هرقل أنه أخضع البرابرة في بلاد الغرب وأفريقيا، وقضى على الطغاة، وخلّص الناس من الوحوش الكاسرة، ونشر في كل مكان مرّ فيه العلوم والفنون التي احتاجها الإنسان في حياته، ورعى إحدى أهم الإمبراطوريات السورية في التاريخ، إمبراطورية صور، ولهذا إرتبط إسم ملكارت في " شعار الزعامة" مع نبتة الكرمة السورية التي كان لها دور أساسي في تقدم الحضارة من بلادنا إلى العالم الغربي.
[34] متحف للفن والتراث الريفي/جريدة الوحدة التي تصدر من اللاذقية /سوريا /تاريخ :4/9/2008
[35]  قصة نبوت أو عصا سيدنا سليمان ، كان سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام متكئا على عصاه التي تشبه الصولجان. يراقب الجن وهم يعملون . فمات وهو على وضعه متكئا على العصا.. ورآه الجن فظنوا أنه يصلي واستمروا في عملهم . ومرت أيام طويلة.. ثم جاءت دابة الأرض، وهي حشرة ربما تكون نملة تأكل الخشب.. وبدأت تأكل عصا سليمان.. كانت جائعة فأكلت جزء من العصا.. استمرت النملة تأكل العصا أياما.. كانت تأكل الجزء الملامس للأرض، فلما ازداد ما أكلته منها اختلت العصا وسقطت من يد سيدنا سليمان.. اختل بعدها توازن الجسد العظيم فهوى إلى الأرض.. ارتطم الجسد العظيم بالأرض فهرع الناس إليه....
[36] سورةالأنبياء: ص84
[37] قصص الأنبياء لابن كثير ص    ( 65  )
[38] قصص الأنبياءللجزائري ص : 223
[39] قال ابن وهب : إن شعيباً كانت عنده عصا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فقال لموسى ـ حين عهد إليه برعى الغنم ـ : ادخل البيت فخذ عصا من العصى الموجودة بداخله ، فمد موسى يده فإذا بها تلك العصا التى هبط بها آدم من الجنة ، و لم تزل مع الأنبياء يتوارثونها ، حتى وصلت إلى شعيب عليه السلام ، فاحتفظ بها ، فلما قدمها موسى إليه عرفها و ضن بها عليه ، فقال له : أرددها و خذ غيرها ، فردها ، و لكنه حين مد يده ليأخذ غيرها كانت هى من نصيبه ثانياً ، فقال : أرددها و خذ غيرها ، فكان أمره معها ثانياً كما كان أولاً ، و تكرر ذلك سبع مرات ، و هنالك خفق قلب شعيب فرحاً ، و قال له : خذها ، ثم التفت إلى ابنته و قال لها : إن لزوجك لشأناً وإنه لنبى .
ذلك هو ما كان من قصة العصا قال تعالى :{ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَىَ , قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشّ بِهَا عَلَىَ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىَ , قَالَ أَلْقِهَا يَامُوسَىَ ,فألقاها فإذا هى حية تسعى } .
فى سورة القصص قال تعالى : { وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمّا رَآهَا تَهْتَزّ كَأَنّهَا جَآنّ وَلّىَ مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقّبْ يَامُوسَىَ أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنّكَ مِنَ الاَمِنِينَ } . وجاء فى بعض كتب التفسير أنها كانت تماشيه ، و تحدثه ، و تحارب العدو والسباع ، وتصير رشا ، فتطول بطول البئر ، وتصير شعبتاها دلواً ، وتكونان شمعتين للإضاءة ليلاً ، و تحمل زاده ، و يغرسها فى الأرض فتثمر له ثمرة يشتهيها ، و يركزها فى الأرض فينبع منها الماء ، فإذا رفعها نضب ، وتقيه الهوام والحشرات ، وإذا أراد طيباً فاح منها الطيب ، وحين قال له جلّ علاه : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَىَ } ، أجابه تلك الإجابة التى أجاب بها ... قال له : ألقها ، فلما ألقاها ـ كما تقول الآية الكريمة من سورة
القصص : { فَلَمّا رَآهَا تَهْتَزّ كَأَنّهَا جَآنّ وَلّىَ مُدْبِراً  }، طرحها فصارت ثعباناً ضخماً يمشى بسرعة خاطفة ، و يبتلع الصخر والشجر ، ويتحرك كالجن حركة مفزعة ، و بين فكيه ثمانون ذراعاً ، و هنالك ذعر موسى و اضطرب ، و طلب النجاة لنفسه ، من هول ما هو ما فيه ، فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبراً و لم يعقب ، و لولا أنه سمع من مولاه قوله تعالى : { أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنّكَ مِنَ الاَمِنِينَ }، أو قوله تعالى أيضاً : } يَامُوسَىَ لاَ تَخَفْ إِنّي لاَ يَخَافُ لَدَيّ الْمُرْسَلُونَ  }، فاطمأنّ قلب سيدنا موسى ...

(من كتاب "فرعون و موسى" للكاتب :خالد على نبهان) و راجع التفاصيل :
[40] " سورة طه  18
[41] أيّد الله تبارك وتعالى الأنبياء الكرام بمعجزات باهرات عظيمات كريمات . ومنها ما أيّد به سيدنا
موسى عليه السلام وهي عصاه العجيبة . ورد في أخبار هذه العصا التي
كانت آية باهرة أنها تحولت بين يدي سيدنا موسى عليه السلام إلى حية حقيقية تمشي بإذن الله وتبتلع الحبال التي أوهم سحرة فرعون لعنه الله الحاضرين أنها ثعابين.
وقيل إن هذه العصا
هبط بها سيدنا أدم من الجنة وبقيت في الأرض إلى أن سلمها سيدنا جبريل إلى سيدنا موسى عليه السلام . وكان يتوكأ عليها أي يستعين بها في المشي والوقوف. ويخبط بها على أغصان الشجر ليسقط ورقها فيسهل على غنمه تناولها فتأكلها. وإذا هجم سبع أو عدو فإنها كانت تقاتله وتحاربه وتبعده عن الأغنام وعنه عليه السلام. وإذا ابتعدت بعض الغنمات عن القطيع أعادتهم إليه بإذن الله . وكانت طولها عشرة أذرع. ومن منافعها العجيبة أنها كانت تماشي وتحادث سيدنا موسى عليه السلام في طريقه وتجوله. وكان لها رأسان متشعبان منها يعلق عليها أحماله من قوس وسهام. ثم عندما يدخل الليل كان رأسا العصا يضيئان كالشمع. وكان إذا أراد أن يشرب من بئر تطول العصا بطول البئر مهما كان عميقا ويتحول رأساها إلى ما يشبه الدلو فيملأه ويشرب منه ، وأما إذا عطش في صحراء ليس فيها بئر ولم يكن معه ماء غرزها في الأرض فتنبع ماء بإذن الله. فإذا رفعها عن الأرض نضب الماء. وكان إذا اشتد عليه الحر يركزها فتطول شعبتاها ثم يلقي عليها كساءه ويستظل تحته. وإذا إشتهى ثمرة كان يركزها في الأرض فتورق وتثمر بإذن الله فيأكل منها ما طاب.
 وكانت تدفع عنه حشرات الأرض وهوامها وهي حيوانات تؤذي كالعقارب. وأول مرة تحولت هذه العصا إلى ثعبان كان لها عرف كعرف الفرس وكان متسع فمها أربعين ذراعا وابتلعت كل ما مرت به من الصخور والأشجار حتى سمع سيدنا موسى لها صرير الحجر في فمها وجوفها .
وأوحى الله تعالى إليه أن يدخل يده فيها تقوية لقلبه وإنها معجزة له ولن تضره. فأدخل موسى يده في فمها بين أسنانها فعادت خشبة كما كانت. وهذا ليس سحرا ًلأن السحر يفعل مثله وقد يأتي شخص بسحر فيأتيه من يعارضه بسحر أقوى. أما هذا الأمر معجزة من معجزات الأنبياء
ومن أكبر معجزات سيدنا موسى عليه السلام بهذه العصا أنه عندما خرج هو والمسلمين المؤمنون الذين هم من ذرية إسرائيل وهو يعقوب كانوا في أرض مصر التي كان يحكمها فرعون.
ولما وصل سيدنا موسى إلى شاطئ البحر أوحى الله إليه أن يضرب البحر بعصاه فضربه فانفلق البحر اثنتي عشر فرقا وكان كل فرق كالجبل العظيم وصار ما بين ذلك أرضا ًيابسة فاجتاز موسى ومن معه البحر فاجتازوا البحر وكانوا ستمائة الف فلما شعر بذلك فرعون وكان منشغلا ًبعيد لهم فسار ليدرك موسى ومعه مليون وستمائة ألف مقاتل حتى وصل إلى شاطئ البحر. وما أن خرج موسى وقومه ناجين بعون الله حتى عاد البحر وأطبق على فرعون ومن معه فغرقوا وسط الأمواج العالية..
[42] العرائس للثعلبي ص:156
[43] رواه مسلم، ح 1275
[44] المرجع : سيرة ابن هشام / الجزء الثاني

[45]  ـ سورة طه: الآية66
[46]  ـ سورة الشعراء الآية: 63
[47] ـ سورة البقرة الآية: 60
[48]  ـ الأعراف: 117 
[49]  ـ سورة طه الآية 18
[50] ـ سورة القصص الاية : 31
[51]  ـ سورة الشعراء: الآية 32
[52]  ـ سورة الأعراف: الآية 107

[53]  ـ سورة طه:الآية: 66
[54]  ـ سورة الأعراف الآية:160
[55]  ـ سورة النمل الآية :10
[56]  ـ  سورة طه الآيات   :65-69 .
[57]  ـ سورة سبأ الآية14
[58] الفروة :عباءة مصنوعة من جلد الخاروف وصوفه .
[59] في مطلع عام 1802م حكمها محمد باشا أبو مرق وكان بينه وبين الجزارخلاف
مما دعا الجزار لارسال حملة الي يافا وحاصر أبي المرق فيها وبعد ذلك اضطر
سليمان باشا الي تعيين محمد آغا أبي نبوت بدلا من أبي المرق واليا على يافا.
[60] تاريخ يافا القديم.
[61] سبيل ابي نبوت/فلسطين في الذاكرة/ موقع نت.
[62] موقع نت/ الحلم العربي.
الجواب :    الحمد لله          [63]
أولاً:
الرقية : هي التعويذ بقراءة القرآن والأدعية النبوية والأذكار ، لحفظ الصحة ، ودفع المرض .
وهذه هي الرقية الشرعية ، وثمة رقية محرَّمة ، وهي ما كان فيها استعمال نجاسات ، أو تمتمات ، أو ألفاظ شركية ، أو استغاثة بغير الله ، وما كان فيها كلام ليس له معنى .
     وينظر جواب السؤال رقم : (   13792  )  لزيادة التفصيل .
ثانياً:
الرقية الشرعية يمكن استعمالها وقاية ، وعلاجاً لجميع الأمراض والأوجاع ، وهكذا كان هديه صلى الله عليه وسلم في استعمالها ، ومما يدل على ذلك :
1. عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَتَى مَرِيضًا أَوْ أُتِيَ بِهِ قَالَ : ( أَذْهِبْ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا ) .
رواه البخاري (5351) ومسلم (2191) .
2. عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى الْإِنْسَانُ الشَّيْءَ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ أَوْ جُرْحٌ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا - وَوَضَعَ سُفْيَانُ سَبَّابَتَهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَهَا - : ( بِاسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا لِيُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا ) .
رواه البخاري (5413) ومسلم (2194) .
قال الشيخ أبو العباس القرطبي – رحمه الله - :
وقوله : " كان إذا اشتكى الإنسان مِنَّا ، أو كانت به قرحة ، أو جرح " : يدل على جواز الرُّقى من كل الأمراض ، والجراح ، والقروح ، وأن ذلك كان أمراً فاشياً بينهم ، معمولاً به عندهم. " المفهم لما أُشكل من تلخيص كتاب مسلم " (5 / 579) .
وبه يُعلم أن ما ورد في الحديث الذي يحصر الرقية في علاج العين ، والحُمة : أنه ليس على ظاهره المراد منه الحصر .
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( لاَ رُقْيَةَ إِلاَّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ ) .
رواه داود ( 3886 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
الحُمة : لدغة ذوات السموم ، من العقارب ، والحيَّات ، وغيرهما .
قال الخطابي – رحمه الله - :
وليس في هذا نفي جواز الرقية في غيرهما من الأمراض والأوجاع ... ، وإنما معناه : أنه لا رقية أولى ، وأنفع من رقية العيْن ، والسم ، وهذا كما قيل : " لا فتى إلا علي " ، و " لا سيف إلا ذو الفقار " ؛ لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رقى بعض أصحابه من وجع كان به ، ولما ورد عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة عن الشفاء بنت عبد الله قالت : " دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة رضي الله عنها ، فقال لي : ( ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة ) .
" معالم السنن " (4 / 215) .
وحديث الشفاء رواه أبو داود (3887) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
و" النَّملة " : قروح تخرج من الجنب .
ثالثاً:
الرقى إن كانت من القرآن ، أو السنَّة النبوية الصحيحة ، أو الأدعية الشرعية : فلا إشكال في جوازها ، وأما غيرها مما يخترع ألفاظه بعض الرقاة ، أو يفعلونه : فلا بدَّ من عرضه على أهل العلم ليحكموا عليها بالجواز من عدمه .
ومما يدلُّ على عرض الرقى على أهل العلم ، وأن الأمر ليس على إطلاقها في الجواز ، بل لا بد من معرفة معناها ، والتأكد من خلوها من المخالفات الشرعية ، في اللفظ والمعنى :
عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ قَالَ : كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ فَقَالَ : ( اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ ، لاَ بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ ) .
رواه مسلم (5862) .
والذي يظهر لنا أن ما نقله الأخ السائل عن ذلك الراقي ليس موافقاً للشرع من جهتين :
الأولى : مخاطبته للثآليل ! بأن تموت ! بذِكرٍ جماعي من المجموعة التي معه ، والتي تردد بسذاجة " موت ، موت ، موت " ! وكأن الثآليل كائنات حيَّة ، وتملك موتها .
والثاني : قص تلك القشة ، وعدم إيقاعها على الأرض ، ثم دفنها ! ، وكل ذلك من الخرافات التي لا أصل لها ، ولا تعلق – شرعاً ولا طبَّاً – بقص تلك القشة مع موت تلك الثآليل ، أو شفاء المريض منها .
وقد أغنانا الله تعالى عن هذه الخرافات لعلاج الثآليل وغيرها بما أباحه لنا من القرآن ، والأدعية ، والأذكار الشرعية ، وبما علمه أهل الطب وأهل الخبرة في علاج ذلك ، فينبغي مراجعتهم ، بدلا من مراجعة المشعوذين
(الإسلام سؤال وجواب) والدجالين والله أعلم.
[64] جاءت في المعجم الوسيط :خَفَرَ: الخفير والمخفور من هذه المادة عندهم بقلب الخاء غينا، والخفير الحارس والجمع خفراء والعوام يجمعونها على غَفَرٍ أو    غُفَرَة.
[65] جريدة الشرق الأوسط
[66] موقع النداوي الشعبية
[67] موقع الحياة السعيدة
[68] محاورات مضواح بن شتوي وعوض القرني

[69] منتدى و موقع نت سعودي/ منتديات الــعــبــا س لــلــتــر ا ث
[70] شبكة قبائل زهران
[71] الشاعر أحمد علي قاضي/المجالس الينبعاوية
[72]  الشاعر اليمني الشيخ : أحمد ناصر الذهب
[73] ديوان الشاعر راجح بن عبدالهادي المالكي
[74] زامل/ آل السري/منتدى قبيلة العجمان.
[75] زامل*/ أحمد عامر صبر المنبهي.
[76] عرض: طاهر العبسي/ صحيفة 26سبتمبر/العدد 1085 - التاريخ: الخميس 04 سبتمبر-أيلول 2003  الموضوع: شئون محلية رقم الصفحة.
[77] الشاعر احمد الشعيبي.

[78] للشاعر الشيخ صالح بن خديش اليزيدي وهو ما يسمى بشاعر عسير واصفا إحدى الحروب التي خاضها وهي معركة القهر / آل يـزيـد الشعـف - قـبـيـلة عَـسـيـر


[79]الشاعر محمد بن زاهر عندما أوجس من الشاعرحمدان بن صالح بن كشمان من آل شعثاء من قبيلة بلجدع ريبة عندما تقابلان عند آل زيدان في السراة .
[80] الشرف: منزل آل جميرة في السراه
[81] الشهري: يقصد به القمر
[82] منتديات الــعــبــا س لــلــتــر ا ث

[83] راهب : عابد من عبّاد بني إسرائيل .

[84] نصف الطريق : بلغ نصفها . وفي الحديث فضل العلم على العبادة مع الجهل ، وفضل العزلة عند فساد الزمان.

[85]  رياض الصالحين ــ باب التوبة ــ لـ " الإمام النووي " رحمه الله . طبعة قطر . ص 49 ـــ 50 )..

[86] المجشب : الضخم الشجاع .
[87]  الضبع : جنس من السّباع من الفصيلة الضَّبعية ورتبة اللواحم أكبر من الكلب وأقوى ، وهي كبيرة الرّأس قوية الفكَّين ( مؤنثة ، وقد تطلق على الذكر والأنثى ) (ج) أضْبُعٌ .
[88] الخنّاق : مكان الخنق
[89] المقبرة : مكان دفن الموتى
[90]  خاوة : كلمة عامية تعني ( دون وجه حق ).
[91] الخُِوان : ما يؤكل عليه (ج) أخونة ، وخون ، وأخاوين .
[92] الأجش :الصوت الغليظ الذي يوجد فيه بحّة .
[93] درجة ما بعد الموت : يقصد التمثيل والتقطيع .
[94] المذرى أو المذراة :خشبة ذات أطراف كالأصابع يذرّى بها الحب وينقى من القمح أو الشعير / القاموس الوسيط ص 312
[95] الشّلوت : كلمة عامية تعنى ( الركل بالقدم على مؤخرة الإنسان ).
[96] استطار : شاع وانتشر
[97] جانا كلمة عامية ، المقصود جاءنا
[98] سخونة الصدر : يقصد بها العنف والقهر .
[99] بأهلها : أي يقرب رؤساء وشيوخ البلاد منه بالرفق واللين .
[100] الثغور جمع ثغر وهي المدينة على شاطىء البحر .المعجم الوسيط
[101] السكان : أهل المدن والقرى الساحلية الواقعة على البحر
[102] عارضيه : لحيته .المعجم الوسيط
[103] البارود:مسحوق البارود يتألف من نترات البوتاسيوم "Potassium Nitrate"، والكبريت "Sulfur"، والفحم "Carbon"،برهان، محمد حسين بن خلف التبريزي، برهان قاطع، تحقيق محمد معين، طهران - 1951، 1952، ص1308  وهنا المقصود البنادق .
[104] النصب :التعب الشديد .
[105] الخازوق : عمود مدبب الرأس . كانوا يجلسون عليه المذنب في الأزمان الغابرة ، فيدخل من دبره ويخرج من أعلاه /المعجم الوسيط ص 232
[106] المثل :" طول عمرك يا زبيبة في قفاكي هالعودة "
[107] مثل عامي يقال في مصر وبلاد الشام
[108] المزراب : الميزاب ، وهو أنبوبة من الحديد ونحوه تركب في جانب البيت من أعلاه لِيَنْصَرِف منها ماء المطر المتجمع ./الوسيط ص391
[109] يوسف شتا عميد الموال العربي في مصر/التراث الفلسطيني.
[110] إحدى مخيمات اللاجئين الفلسطينين بعد نكبة سنة 1948م إثر إحتلال اليهود لفلسطين ..
[111] رياض الصالحين صفحة 540
[112] العَتَلَة : عمود من الحديد له رأس عريض يستعمله البنَّاءُ ،ويُهدم به الحائط
[113] النبّوت : العصا الغليظة المستوية
[114] عبدالله الغامدي المعروف بـ( كلاش ) / موقع نت سعودي
[115] محمد محمد البقاشطنجة أديب باحث وصحفي. عمل مديرا ورئيس تحرير مجلة (الجيرة) التي كانت تصدر في طنجة وتوقفت بسبب انشغالاتها في طباعة الكتب الثقافية التي تخرجها على شكل سلسلة.
عمل رئيسا للقسم الثقافي بمجلة (المهاجر)، وجريدة (صوت المهاجر) اللتين كانتا تصدران ف غرناطة بإسبانيا .
وأستاذا محاضرا في المؤسسات الثقافية بطنجة وبروكسيل والمؤسسات الثقافية بغرناطة في المعهد الأوروعربي، والكليات آخرها محاضرة عن الإرهاب في كلية العلوم السياسية بغرناطة.

[116] رابطة أدباء الشام / نقلها لنا الكاتب: محمد محمد البقاش
[117] عبد الستار خليف / كاتب وروائي مصري/دار عبد الزاق الجبالي
[118] الوراق /عجائب الآثار المنحوتة

[119] البيان التبيين للجاحظ – وكتاب العصا لأسامة بن منقذ
[120] المرجع / أم محمود الاشقر. موقع عائلة الأشقر

[121] السيد المحضار يرحمه الله
       [122]   يكف الراس : أي يهدأ باله من التفكير
[123] والمقصود من بـ ثنعشر فوت : الفوت وحدة قياس للمساحة وتطلق في حضرموت ، والمقصود من هذا التعبير إنه يدأ باله من التفكير الدائم بهم قليلا ..
[124] ماجدة سليمان
[125] مجلة أفق الثقافية.
[126] أسرة مدونات مكتوب/حسـن عمــران
[127] من أغنية فلسطينية / لزجال شعبي من قرية سلمه ، ويدعى حسين خيرية.
[128] موقع نت سوداني ، قصيدة مطولة في العامية.
[129] شاعر مغترب فلسطيني في بون (المانيا) /عن موقع نت فلسطيني
[130] علي الحسني الزهراني
[131] هذا مساءٌ وفيه نلتقي على موعد[131]
وموعد لنا عند مسرح الظباء .
في غابة المرجان والليـــــلك .
هل تعلم كيف ابدأ ...؟
هناك حيث نُصبت للشمس السرر,
وأقيمتُ للقمر الأراجيح ,
وراحت ترقص الأشجار على موسيقى الهواءِ
وأنغام العصافير
هنا يدقُّ ناقوس الرحلة ..؟
فيتحرك القطار ..!!
ثم يروح ينهب الأرض نهباً ..!!!!!!!!
ويطوي المسافات طياً ..!!
تارةً على الصدر
فينشرح له الصدر حباً ..؟
ومرةً في القلب فيرقص له القلب طرباً ..؟
حتى وصلنا إلى مشارف الفردوس ..
لندخل الجنة من بابها الواسع ,,
بعد أن يأذن لنا .... ....؟؟
قم أبا علي هنا يكون العراك
وبعد أن نلقي التحية التي هي سلام ..؟
وها هو هنا ..!!
يتبختر في مشيته الرتيبة الرشيقة ..!!
ويتيه في بزته الكحلية الأنيقة ,,
ليس بهِ عرج ولا اعوجاج ..؟!!
يحمل في يده بدل النبوت غصن زيتون ..؟؟
وفي كل جيب من جيوبه واحد من تلك المفاتيح السحرية
التي تفتح للناس الأبواب
وتنقلهم إلى كل عالم مستطاب
ودخلنها بسلام آمنين
هي الجنة تجري من تحتها الأنهار ..؟
وتدور في أرجائها أسراب المهى ..,؟
وجماعات الغزلان ..؟؟؟
ليتني كنت عصفوراً من عصافير تلك الجنة
واحداً من هذه العصافير الزرقاء
التي بلون السماء
فأحط على كتفيكِ مرةً
وأرقص على راحتيكِ مرةً
وأغني لك أحلى الأُغنيات

[132] ملتقى حضرموت للتراث العربي
[133] الكاتب حميد الخنيشة .

[134] جريدة القبس
[135] الفراعنة‏ ‏هم‏ ‏أول‏ ‏من‏ ‏ابتكروا‏ ‏لعبة‏ ‏التحطيب‏ ‏والتي‏ ‏لاتندلع‏ ‏شرارتها‏ ‏ولا‏ ‏يحلو‏ ‏ايقاعها‏ ‏إلا‏ ‏من‏ ‏احتكاك‏ ‏العصا‏ ‏بالعصا‏
‏وهى ‏احدي‏ ‏اهم‏ ‏معالم‏ ‏صعيد‏ ‏مصر‏.
‏تاريخ‏ ‏لعبة‏ ‏التحطيب‏
‏أول‏ ‏من‏ ‏بدأ‏ ‏لعبة‏ ‏التحطيب‏ ‏هم‏ ‏امراء‏ ‏الفراعنة‏
‏حيث‏ ‏كانوا‏ ‏يدربون‏ ‏ابناءهم‏ ‏علي‏ ‏المبارزة‏ ‏بالسيوف‏
‏وذلك‏ ‏كوسيلة‏ ‏للدفاع‏ ‏عن‏ ‏النفس‏ ‏ورمز‏ ‏ايضا‏ ‏للشجاعة‏ ‏والرجولة‏
‏حيث‏ ‏إن‏ ‏الامير‏ ‏في‏ ‏الدولة‏ ‏الفرعونية‏ ‏كان‏ ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏يجيد‏ ‏المبارزة‏
‏ومن‏ ‏الأمراء‏ ‏انتقلت‏ ‏الي‏ ‏الشعب‏ ‏ولكن‏ ‏نظرا‏ ‏لعدم‏ ‏قدرة‏ ‏عامة‏ ‏الشعب‏ ‏علي‏ ‏المبارزة‏ ‏
بالسيوف‏ ‏استخدموا‏ ‏العصا‏ ‏ولكنها‏ ‏ليست‏ ‏اي‏ ‏عصا‏
نبوت التحطيب
‏الخشب‏ ‏الذي‏ ‏يصنع‏ ‏منه‏ ‏نبوت‏ ‏التحطيب‏ ‏لايستخرج‏ ‏الا‏ ‏من‏ ‏شجر‏ ‏الليمون‏ ‏فقط‏
‏نظرا‏ ‏لقوته‏ ‏وصلابته‏ ‏عندما‏ ‏يحتك‏ ‏ببعضه‏ ‏في‏ ‏المبارزات‏,
‏وعصا‏ ‏النبوت‏ ‏الذي‏ ‏يستخدم‏ ‏في‏ ‏التحطيب‏ ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏توجد‏ ‏في‏ ‏طرفه‏ ‏حلقة‏ ‏من‏ ‏الحديد
‏ ‏ولايزال‏ ‏هذا‏ ‏الشكل‏ ‏هو‏ ‏المستخدم‏ ‏في‏ ‏الصعيد‏
‏وعصا‏ ‏التحطيب‏ ‏يطلق‏ ‏عليها‏ ‏عدة‏ ‏مسميات‏ ‏بخلاف‏ ‏النبوت‏ ‏منها‏ ‏الشومة‏ ‏والزقلة‏ ‏
الفتونه
‏كان‏ ‏التحطيب‏ ‏هو‏ ‏الوسيلة‏ ‏الوحيدة‏ ‏للدفاع‏ ‏عن‏ ‏النفس‏ ‏وقتها‏ ‏
وفضلا‏ ‏عن‏ ‏ان‏ ‏العصا‏ ‏أو‏ ‏النبوت‏ ‏كانت‏ ‏هي‏ ‏الحكم‏ ‏الأول‏ ‏في‏ ‏زمن‏ ‏الفتوات‏
الذين‏ ‏كانوا‏ ‏يعتبرون‏ ‏حكاما‏ ‏غير‏ ‏رسميين‏ ‏للأحياء‏ ‏والشوارع‏ ‏والحارات
‏ ‏مثلما‏ ‏رأيناهم‏ ‏في‏ ‏روايات‏ ‏الكاتب‏ ‏الكبير‏ ‏نجيب‏ ‏محفوظ
‏ ‏حيث‏ ‏كان‏ ‏اي‏ ‏خلاف‏ ‏بين‏ ‏اثنين‏ ‏علي‏ ‏الفتونة‏ ‏لايحسمه‏ ‏إلا‏ ‏مباراة‏ ‏التحطيب‏
‏والذي‏ ‏يفوز‏ ‏فيها‏ ‏يصبح‏ ‏الفتوة‏.‏
‏ ‏اسس‏ ‏وقواعد‏ ‏لعبة‏ ‏التحطيب‏
من‏ ‏أهم‏ ‏شروط‏ ‏هذه‏ ‏اللعبة‏ ‏ان‏ ‏طرفيها‏ ‏يعلمان‏ ‏جيدا‏ ‏انه‏ ‏إذا‏ ‏توفي‏ ‏احدهما‏ ‏اثناء‏ ‏اللعبة‏ ‏نتيجة‏ ‏اي‏ ‏ضربة‏ ‏من‏ ‏الخصم‏ ‏فلا‏ ‏دية‏ ‏له ‏لأن‏ ‏هذا‏ ‏شرط‏ ‏من‏ ‏شروط‏ ‏اللعبة‏.
‏أما‏ ‏بالنسبة‏ ‏للاعب‏ ‏نفسه‏ ‏فإنه‏ ‏لايشترط‏ ‏عمر‏ ‏معين‏ ‏ولكن‏ ‏ــ‏ ‏طبعا‏ ‏ــ‏ ‏كلما‏ ‏كان‏ ‏اصغر‏ ‏سنا‏ ‏كان‏ ‏افضل‏ ‏حيث‏ ‏يكون‏ ‏اكثر‏ ‏قوة‏ ‏وشجاعة‏ ‏فضلا‏ ‏عن‏ ‏أنه‏ ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏مغامرا‏ ‏بطبيعته‏.
‏أما‏ ‏بالنسبة‏ ‏للوزن‏ ‏فلا‏ ‏توجد‏ ‏مقاييس‏ ‏محددة‏ ‏له‏ ‏ولكن‏ ‏الطول‏ ‏لابد‏ ‏ألا‏ ‏يقل‏ ‏عن‏ 165 ‏سم‏ .‏
تراث شعبى
وهى ‏تعد‏ ‏من‏ ‏أهم‏ ‏اشكال‏ ‏الفلكلور‏ ‏المصري‏ ‏بالاضافة‏ ‏الي‏ ‏أن‏ ‏معظم‏ ‏العائلات‏ ‏الكبيرة‏ ‏في‏ ‏الصعيد‏ ‏تعتبر‏ ‏لعبة‏ ‏التحطيب‏ ‏من‏ ‏التراث‏ ‏الخاص‏ ‏بعائلاتها‏ ‏ولايجوز‏ ‏انتشارها‏ ‏بين‏ ‏عامة‏ ‏الناس‏ ‏لأنها‏ ‏إحدي‏ ‏أهم‏ ‏اشكال‏ ‏التفاخر‏ ‏للأسر‏ ‏التي‏ ‏يجيد‏ ‏افرادها‏ ‏التحطيب‏‏ و‏ ‏من‏ ‏أهم‏ ‏مقومات‏ ‏لاعبيها‏ ‏الشهامة‏ ‏والرجولة‏ ‏معا‏
‏اصول‏ ‏لعبة‏ ‏التحطيب
‏‏ ‏اللقاء‏ ‏فيها‏ ‏يبدأ‏ ‏بإلقاء‏ ‏التحية‏ ‏بين‏ ‏اللاعبين‏ ‏ثم‏ ‏يبدأ‏ ‏اللاعبان‏ ‏في‏ ‏الدوران‏ ‏بشكل‏ ‏دائري‏ ‏حول‏ ‏بعضهما‏ ‏وبعد‏ ‏ذلك‏ ‏تبدأ‏ ‏المرحلة‏ ‏الأولي‏ ‏للمباراة‏ ‏وتسمي‏ ‏الرش‏
‏وهي‏ ‏فترة‏ ‏لاتتعدي‏ ‏دقيقتين‏ ‏لجس‏ ‏نبض‏ ‏كل‏ ‏لاعب‏ ‏لشجاعة‏ ‏الآخر‏
‏حيث‏ ‏يتم‏ ‏فيها‏ ‏تطويع‏ ‏أو‏ ‏وضع‏ ‏عصا‏ ‏كل‏ ‏لاعب‏ ‏فوق‏ ‏عصا‏ ‏خصمه‏
‏بشرط‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏الجانب‏ ‏الأيمن‏ ‏لكل‏ ‏لاعب‏ ‏متجها‏ ‏الي‏ ‏داخل‏ ‏الدائرة‏.
‏ثم‏ ‏تبدأ‏ ‏العصا‏ ‏في‏ ‏الدوران‏.
‏‏ ‏قواعد‏ ‏اللعبة‏ ‏
‏ ‏يمسك‏ ‏اللاعب‏ ‏بالعصا‏ ‏بحيث‏ ‏يوضع‏ ‏طرفها‏ ‏في‏ ‏باطن‏ ‏اليد‏ ‏حتي‏ ‏يتمكن‏ ‏منها‏.
‏ويستطيع‏ ‏أي‏ ‏لاعب‏ ‏محترف‏ ‏أن‏ ‏يتعرف‏ ‏علي‏ ‏مدي‏ ‏مهارة‏ ‏خصمه‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏طريقة‏ ‏مسكته‏ ‏للعصا‏ ‏وقبضته‏ ‏عليها‏.
‏وجسد‏ ‏اللاعب‏ ‏به‏ ‏مناطق‏ ‏للدفاع‏ ‏وأخري‏ ‏للهجوم‏ ‏تسمي‏ ‏كل‏ ‏منها‏ ‏بـــ‏ ‏الباب‏ ‏بمعني‏ ‏انها‏ ‏هي‏ ‏التي‏ ‏تفتح‏ ‏الفرصة‏ ‏للخصم‏ ‏للهجوم‏ ‏او‏ ‏تغلق‏ ‏عليه‏ ‏في‏ ‏الدفاع‏ ‏مثل‏ ‏باب‏ ‏الصدر‏ ‏وباب‏ ‏الخصر‏ ‏وباب‏ ‏الابطين‏ ‏ومسموح‏ ‏في‏ ‏هذه‏ ‏اللعبة‏ ‏بتوجيه‏ ‏الضرب‏ ‏بالعصا‏ ‏إلي‏ ‏أي‏ ‏مكان‏ ‏فيما‏ ‏عدا‏ ‏منطقة‏ ‏الحوض‏ ‏وتحسب‏ ‏نقاط‏ ‏الفوز‏ ‏بكل‏ ‏ضربة‏ ‏تصل‏ ‏الي‏ ‏جسد‏ ‏الخصم‏ ‏وتؤثر‏ ‏فيه‏.
‏أما‏ ‏منطقة‏ ‏الرأس‏ ‏فهي‏ ‏من‏ ‏المناطق‏ ‏التي‏ ‏يحاول‏ ‏كل‏ ‏لاعب‏ ‏تجنبها‏ ‏لأن‏ ‏الضربة‏ ‏فيها‏ ‏تكون‏ ‏هي‏ ‏الضربة‏ ‏القاضية‏.
‏واذا‏ ‏جاءت‏ ‏لأحد‏ ‏اللاعبين‏ ‏ضربة‏ ‏في‏ ‏رأسه‏ ‏وتوفي‏ ‏علي‏ ‏أثرها‏ ‏فلاتوجد‏ ‏دية‏ ‏له‏.‏
‏الشباب‏ و‏لعبة‏ ‏التحطيب‏
هناك اقبال من الشباب على لعبة التحطيب ‏وذلك‏ ‏إما‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏بغرض‏ ‏استخدامها‏ ‏كوسيلة‏ ‏دفاع‏ ‏عن‏ ‏النفس ‏ ‏او‏ ‏للتفاخر‏ ‏بها‏ ‏أمام‏ ‏الأصدقاء‏
‏وهناك‏ ‏آباء‏ ‏يسعون‏ ‏لتدريب‏ ‏أطفالهم‏ ‏علي‏ ‏لعبة‏ ‏التحطيب‏
‏وذلك‏ ‏لخلق‏ ‏روح‏ ‏الشجاعة‏ ‏والاقدام‏ ‏لديهم‏ ‏حيث‏ ‏انهم‏ ‏حتي‏ ‏لو‏ ‏لم‏ ‏يستخدموا‏ ‏لعبة‏ ‏التحطيب‏ ‏نفسها‏ ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏فسوف‏ ‏يكونون‏ ‏اكثر‏ ‏ثباتا‏ ‏وثقة‏ ‏بالنفس‏
‏شروط مارسة‏ ‏لعبة‏ ‏التحطيب‏
‏لابد‏ ‏أن‏ ‏تتوفر‏ ‏لها‏ ‏شروط‏ ‏معينة‏ ‏كشكل‏ ‏مكمل‏ ‏للحالة‏ ‏العامة‏ ‏لها‏
‏وذلك‏ ‏حتي‏ ‏تكون‏ ‏مقنعة‏ ‏لمن‏ ‏يشاهدها‏ ‏ويشعر‏ ‏بالاندماج‏ ‏معها‏ ‏ومع‏ ‏لاعبيها‏,
‏وأهم‏ ‏هذه‏ ‏الشروط‏ ‏ان‏ ‏يكون‏ ‏اللاعب‏ ‏مرتديا‏ ‏الزي‏ ‏الرسمي‏ ‏للعبة‏ ‏والمعبر‏ ‏عن‏ ‏أصلها‏ ‏وهو‏ ‏الجلباب‏ ‏والعمة‏ ‏والتي‏ ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏بيضاء‏ ‏وهذا‏ ‏هو‏ ‏الشكل‏ ‏الفلكلوري‏ ‏للاعب‏
‏فضلا‏ ‏عن‏ ‏توافر‏ ‏معزوفات‏ ‏موسيقية‏ ‏وايقاعية‏ ‏خاصة‏ ‏لتعبر‏ ‏عن‏ ‏منشأ‏ ‏هذه‏ ‏اللعبة‏ ‏والثقافة‏ ‏المنتمية‏ ‏إليها‏ ‏لذلك‏ ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏يصاحب‏ ‏المباراة‏ ‏عزف‏ ‏موسيقي‏ ‏علي‏ ‏الربابة‏ ‏والطبلة‏ ‏والنقرزان‏ ‏وهذا‏ ‏العزف‏ ‏يزيد‏ ‏من‏ ‏شجاعة‏ ‏اللاعبين‏ ‏وتشجيع‏ ‏المتفرجين‏ ‏ايضا‏.‏
‏أهمية‏‏ ‏اللعبة‏ ‏
‏من‏ ‏الجدير‏ ‏بالذكر‏ ‏هنا‏ ‏ان‏ ‏هذه‏ ‏الالعاب‏ ‏كانت‏ ‏تقوم‏ ‏بدور‏ ‏رئيسي‏ ‏في‏ ‏حياة‏ ‏الجماعة‏ ‏عندما‏ ‏كانت‏ ‏المنافسة‏ ‏بين‏ ‏الافراد‏ ‏قائمة‏ ‏علي‏ ‏المهارة‏ ‏والقوة‏ ‏البدنية‏ ‏والقدرة‏ ‏علي‏ ‏المراوغة‏ ‏وهذه‏ ‏سمات‏ ‏أساسية‏ ‏في‏ ‏الشخصية‏ ‏الصعيدية‏ ‏ولكن‏ ‏مع‏ ‏مرور‏ ‏الزمن‏ ‏وتغير‏ ‏طريقة‏ ‏التفكير‏ ‏والتأثر‏ ‏بالتعليم‏ ‏والاعلام‏ ‏ايضا‏ ‏ظهرت‏ ‏معايير‏ ‏اخري‏ ‏لفكرة‏ ‏الرجولة‏ ‏وهذا‏ ‏هو‏ ‏ما‏ ‏
‏الحكام‏
‏‏ ‏لاعبي‏ ‏التحطيب‏ ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏يوجد‏ ‏بينهما‏ ‏حكم‏ ‏يفهم‏ ‏اصول‏ ‏اللعبة‏ ‏جيدا‏ ‏ليحسب‏ ‏النقاط‏ ‏التي‏ ‏يحققها‏ ‏كل‏ ‏لاعب‏.
‏بالاضافة‏ ‏الي‏ ‏أهمية‏ ‏دوره‏ ‏إذا‏ ‏اصيب‏ ‏لاعب‏ ‏اثناء‏ ‏المباراة‏ ‏اصابة‏ ‏قاتلة‏
‏او‏ ‏اصابة‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تتسبب‏ ‏له‏ ‏في‏ ‏عاهة‏ ‏مستديمة‏
‏فإنه‏ ‏لابد‏ ‏في‏ ‏الوقت‏ ‏المناسب‏ ‏ان‏ ‏يطلق‏ ‏كلمة‏ ‏سو‏ ‏بصوت‏ ‏جهوري‏ ‏يشبه‏ ‏الصرخة‏ ‏لإيقاف‏ ‏اللعب‏.‏
‏‏ ‏طبيعة‏ ‏العلاقة‏ ‏بين‏ ‏اللاعبين‏ ‏‏
‏يجب‏ ‏ألا‏ ‏يكون‏ ‏هناك‏ ‏أي‏ ‏عداء‏ ‏من‏ ‏أي‏ ‏نوع‏ ‏بين‏ ‏طرفي‏ ‏اللعبة‏
‏لأنه‏ ‏إذا‏ ‏كان‏ ‏هناك‏ ‏عداء‏ ‏أو‏ ‏ثأر‏ ‏فإن‏ ‏أحد‏ ‏اللاعبين‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يستخدم‏ ‏اللعبة‏ ‏كوسيلة‏ ‏لقتل‏ ‏خصمه‏ ‏وهو‏ ‏يعلم‏ ‏جيدا‏ ‏أنه‏ ‏لا‏ ‏دية‏ ‏له‏ ‏ولن‏ ‏يقع‏ ‏عليه‏ ‏أي‏ ‏مسئولية‏ ‏قانونية‏ ‏لأن‏ ‏القتيل‏ ‏كان‏ ‏يعلم‏ ‏من‏ ‏البداية‏ ‏بقواعد‏ ‏اللعبة‏ ‏وارتضي‏ ‏بها‏.
‏لذلك‏ ‏لابد‏ ‏ألا‏ ‏يكون‏ ‏بين‏ ‏الطرفين‏ ‏اي‏ ‏خصومة‏.
‏وهذا‏ ‏هو‏ ‏سر‏ ‏انتشار‏ ‏هذه‏ ‏اللعبة‏ ‏في‏ ‏جنوب‏ ‏مصر‏ ‏حيث‏ ‏يتعامل‏ ‏معها‏ ‏الناس‏ ‏في‏ ‏الصعيد‏ ‏علي‏ ‏انها‏ ‏إحدي‏ ‏أهم‏ ‏وسائل‏ ‏الدفاع‏ ‏عن‏ ‏النفس‏ ‏فضلا‏ ‏عن‏ ‏انها‏ ‏رمز‏ ‏للقوة‏ ‏والكبرياء‏ ‏بين‏ ‏العائلات‏ ‏الكبيرة‏ ‏خاصة‏ ‏ان‏ ‏الصعيد‏ ‏يحفل‏ ‏بوجود‏ ‏روح‏ ‏قبلية‏ ‏عالية‏ ‏وهو‏ ‏مالايتوافر‏ ‏بنفس‏ ‏الدرجة‏ ‏في‏ ‏الوجه‏ ‏البحري‏ ‏والقاهرة‏ ‏
‏‏ ‏التحطيب‏ ‏و‏ ‏مراسم‏ ‏الزواج‏
‏نعم‏ ‏هناك‏ ‏بالفعل‏ ‏دور‏ ‏مهم‏ ‏للعبة‏ ‏التحطيب‏ ‏في‏ ‏الصعيد‏ ‏وهذا‏ ‏الدور‏ ‏لا‏ ‏يقتصر‏ ‏علي‏ ‏التباهي‏ ‏باللعبة‏ ‏في‏ ‏الاحتفال‏ ‏بالزواج‏
‏إنما‏ ‏هناك‏ ‏دور‏ ‏آخر‏ ‏اكثر‏ ‏اهمية‏ ‏وهو‏ ‏ان‏ ‏بعض‏ ‏العائلات‏ ‏الكبيرة‏ ‏هناك‏ ‏لاتوافق‏ ‏علي‏ ‏زواج‏ ‏من‏ ‏يتقدم‏ ‏لبناتهم‏ ‏إلا‏ ‏بعد‏ ‏خوضه‏ ‏مباراة‏ ‏تحطيب‏ ‏مع‏ ‏والد‏ ‏العروس‏ ‏أو‏ ‏شقيقها‏ ‏او‏ ‏احد‏ ‏ابناء‏ ‏اعمامها‏
‏وذلك‏ ‏لضمان‏ ‏شجاعته‏ ‏وجلده‏ ‏وقدرته‏ ‏علي‏ ‏التحدي‏ ‏مما‏ ‏يضمن‏ ‏لهم‏ ‏قدرته‏ ‏علي‏ ‏حماية‏ ‏ابنتهم‏ ‏والدفاع‏ ‏عنها‏.‏
‏ ‏البنات‏ والتحطيب
‏لعبة‏ ‏التحطيب‏ ‏لايمكن‏ ‏ان‏ ‏تمارسها‏ ‏المرأة‏
‏لأنها‏ ‏تحتاج‏ ‏الي‏ ‏قوة‏ ‏بدنية‏ ‏خاصة‏,
‏فالعصا‏ ‏نفسها‏ ‏المرتبطة‏ ‏باللعبة‏ ‏تكون‏ ‏ثقيلة‏ ‏جدا‏ ‏بحيث‏ ‏يصعب‏ ‏علي‏ ‏أي‏ ‏امرأة‏ ‏حملها‏
‏وليس‏ ‏التحرك‏ ‏والمبارزة‏ ‏بها‏.
‏ولكن‏ ‏البنات‏ ‏يشتركن‏ ‏بالرقص‏ ‏فقط‏ ‏حول‏ ‏العصا‏.فى الأعراس

[138] من مهرجان ادلب الخضراء للفنون الشعبية /جريدة زمان الوصل

[139] تمثيل : حمدي غيث أمينه رزق ، سمير صبري ، محمود الجندي، تيسير فهمي...
[140]  مسرحية الحرافيش/ نجيب محفوظ /من اللوحة الثانية .
[141] عرض في محطة فضائية بعنوان "الدرع والنبوت" في برنامج قوس قزح .
[142] موقع نت عماني .
[143] ديوان الأمثال للشاعر بجاد لهاب الجش صفحه رقم 255/منتدى قبيلة مطير

1 comment:

  1. Coin Casino - 100% Bonus up to €100 + 50 FS
    Visit 제왕카지노 Coin Casino to 인카지노 enjoy all the features that powered the original casino table games. 1xbet Play at our latest table games like Blackjack, Roulette and more.

    ReplyDelete